حديث عن ديكارت والديكارتية
يعتبر ديكارت أحد الخمسة الكبار في تاريخ
الفلسفة البشرية: أفلاطون، أرسطو، ديكارت، كانط، هيغل. وقد جسد في شخصه العبقرية
الفرنسية في أنصع تجلياتها. ولذلك أصبح رمزاً لفرنسا إلى درجة أن أحدهم قال:
ديكارت هو فرنسا. وهذا يعني أن عبقرية الأمم تتجسد في شخوص الأدباء والشعراء
والفلاسفة، أكثر مما تتجسد في شخوص القادة العسكريين والسياسيين. وهذا يعني أيضاً
أن عبقرية الروح أو الفكر هي أعلى أنواع العبقريات.
عندما يُذكر اسم ديكارت، أو الديكارتية
نتخيل فوراً تلك الصورة الشائعة المنتشرة في كل مكان، والتي تقول: إن الديكارتية
هي فلسفة الدقة، والمعيار الصائب، والحسابات العقلانية الباردة.
فالفرنسي ديكارتي بهذا المعنى، وكذلك
الأوروبي بشكل عام. وهناك عقلٌ ديكارتي مثلما هناك عقلية ديكارتية. وحتى اللّحّام
يقطع لك اللحم على الطريقة الديكارتية!
ولا ريب في أن ذلك صحيح إلى حد كبير.
ولكننا ننسى أن مؤسس العقلانية الديكارتية لم يكن «عقلانياً» إلى هذه الدرجة التي
نتوهمها، بل إنه مرّ بلحظات أقل ما يقال فيها إنها تقف خارج حدود العقل والتوازن
المنطقي الصارم، وذلك قبل أن تنكشف له الحقيقة الساطعة، ويضرب ضربته الفلسفية
الكبرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق