الأدب السياحي
كتب: بشير خلف
السياحة الأدبية هي نوعٌ من السياحة
الثقافية التي تتعامل مع الأماكن، والأحداث من النصوص الخيالية، وكذلك حياة
مؤلفيها؛ ويشمل ذلك اتّباع الطريق الذي سلكته شخصية خيالية، أو زيارة مكان معين
مرتبط برواية، أو روائي، مثل منزله، أو زيارة قبْر شاعر، روائي، مسرحيّ، فنّان
تشكيلي، موسيقيٍّ...
يعــتبر بعض الباحثين السياحة الأدبية
كنوع معاصر من الحجّ المعرفيّ، العلمي. يهتم السياح الأدبيون على وجه التحديد
بالكيفية التي أثرت بها الأماكن على الكتابة، وفي نفس الوقت كيف أن الكتابة قد
خلقت المكان. من أجل أن تُــصبح فضاءً أدبيًا، تحتاج فقط إلى موهبة الكتابة،
وصياغة النصّ الأدبي السّردي، والزّاد اللغوي الثريّ، والقدرة على توظيف اللغة،
والتعبير بها بوضوح، وعقلية فضوليّة. فالأدب السياحي يتناول مسارات حيوات المبدعين
في شتّى الفنون والآداب، وظروف نشأتهم، والمؤثرات الجغرافية، والبيئية،
والاجتماعية، والتاريخية، والثقافية التي تأثّروا بها، وأثّرت فيهم، ممّا ولّد
فيهم دافعية الكتابة، والإبداع، ومدى مساهمتهم في بثّ الوعي الفكري والمعرفي في
بيئتهم المحلية والوطنية، والعالمية.
وقد
يكون الأدب في كل أجناسه مُساهمًا فعّالًا في نشْر الثقافة السياحية، والترويج
لها، والاستثمار فيها من خلال زيارات الأفراد، والجماعات في إطار فرديٍّ من الكتاب
والمفكرين، والمثقفين، والمؤرخين، أو جماعي من وفود الأساتذة والطلبة الجامعيين،
وتلاميذ الثانويات، والمعاهد العليا، والوفود المشاركة في الملتقيات الوطنية،
والدولية للتعريف بعلماء الأمة، ومفكريها الذين لهم باعٌ في ترسيخ هويّة الأمة،
والحفاظ على قيمها، وأصالتها من خلال زياراتهم، واللقاء بهم، ومحاورتهم، والتعرّف
على نتاجاتهم، واستثمارها، والترويج لها.
إنّ الأدب السياحي يتجلّى في النصوص
الأدبية بكلّ أجناسها، وخاصّة التي تتحوّل إلى مسلسلات، وأفلام، وروايات، فقد تكون
الرواية نصًّأ سرديًّا ماتعا، وتتماهى سياحيا عندما يكون فضاؤها المكاني مدينة من
الوطن، أو ربْعًا صحراويا، أو منطقة ساحلية يلتقي فيها البحر اللازوردي بالشاطئ
الرملي الذهبي، والجبال الخضراء تحتضن الكل.
أذكر من الروايات الجميلة التي قرأتها
بمتعة تماهى فيها الأدب الرفيع مع السياحة، رواية ( تاغيت)للدكتور باديس فوغالي،
وهو الكاتب السارد، حيث أثّرت فيه تلك المنطقة الصحراوية الساحرة جنوب مدينة بشار،
وصلها في رحلة سياحية مكونة من طلبة جزائريين، وبعض طلبة أوروبيين، في روايته رصد
مسار الرحلة، وما كان من تفاعل، وانبهار، وإعجاب بما يُشاهد، ويُعاش، ثم الوصف
والتحليل بالأسلوب الأدبي الماتع لمنطقة تاغيت: جغرافية، تاريخا، سكانًا، عيشا،
تفاعلا مع مجريات الحياة اليومية في منطقة جنوبية حدودية من الجزائر.
القارئ للرواية إنْ لم يحزمْ متاعه في الحين،
وينطلق إلى تاغيت، فإنه تأكيدا سيعزم على زيارتها مستقبلًا.
في إطار الأدب السياحي، والاستثمار فيه
نظّمت جامعة حمّ الأخضر بالوادي ملتقًى وطنيا يومي 15، 16 نوفمبر 2022 م تميّز
بالإعداد الجيّد، والتنظيم المحكم، عدد المحاضرين من داخل الوطن ما يقارب
الثمانين، والخارجيين العرب، أربع مشاركات عن بعد.
كنتُ من الحضور في هذا الملتقى الرائع
لمستوى المحاضرات، والزُّخْم المعرفي الذي تفاعل معه الحضور المكثف أساتذة، وطلّابًا،
وطالبات بقاعة المحاضرات الكبرى.
1
ــــ إعادة الاعتبار إلى دوْر الأدب كفاعلٍ في البنيات الاجتماعية والثقافية
والاقتصادية.
2
ــــــ محاولة لفْت الانتباه إلى دوْر الأدب السياحي في الاستثمار الثقافي.
3
ــــــ تفعيل حضور كلّيات وأقسام الأدب العربي في الحركة الثقافية في الجزائر وفي
العالم العربي.
4
ـــــ محاولة طرْح وخطط استراتيجيات للاهتمام بالأدب السياحي، وتحديد أيّ الأنواع
الأدبية أكثر جذْبًا، وفاعلية في الاستثمار الثقافي.
5
ـــــ التأكيد على العلاقة الوطيدة بين الأدب والثقافة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق