الأربعاء، 7 مايو 2025

 

البسملة

قراءة وعرض: بشير خلف

     البسملة هي قول "بسم الله الرحمن الرحيم"، وقد تناولها العلماء بتفسيرات متعددة، بينما هناك اختلافاتٌ بين الفقهاء حول كونها آية مستقلة، أو جزءًا من السور القرآنية.

   بعض العلماء يرون أنها آية من كل سورة، بينما يرى آخرون أنها آية منفصلة تُقرأ للتبرك، والاستعانة باسم الله.

في هذا المجال صدر هذه الأيام كتابٌ من الحجم الصغير  A5  عن دار "سامي" للطبع والنشر والتوزيع لصاحبها رضا درّاجي بالوادي بعنوان:(تعليق في حُكْم البسملة والتقليد).. تأليف الشيخ إبراهيم بن محمد الساسي بن عامر السوفي في 120 صفحة، دراسة، وتحقيق، وتوثيق أ.د محمد الأمين رحماني عميد كلية العلوم الإسلامية بجامعة حمة لخضر بالوادي.

     الكتاب بعد المقدمة في قسمين:

1 ــ القسم الأول: التعريف بالشيخ إبراهيم بن عامر السوفي وبمخطوطه " تعليق في حكْم البسملة والتقليد"

2 ــ القسم الثاني: التحقيق، والتوثيق لرسالة "تعليق في حكْم البسملة والتقليد"

     تعالج صفحات الكتاب مسألة قديمة، جديدة لا يزال صدى الاختلاف بشأنها يُحدِثُ التوتّر لدى شرائح اجتماعية واسعة، تنطلق من حكم البسملة في الصلاة، لتصل إلى حكم التقليد، وبيان موقف العامي من قضايا الاختلاف بين الأئمة الفقهاء، وهل ينتقل العامي في ممارسته الفقهية بين المذاهب كما يحلو له؟

    إنه سجالٌ متواصل، وعنادٌ متأصِّلٌ بين جمهرة المقلّدين،  يسعى كلُّ طرفٍ لأن يكسب الغلبة، ولو على حساب الحقائق العلمية.

    وكاتب الرسالة (مؤلف هذا الكتاب) يستنكر على المقلّدين أن يخوضوا فيما لا يُحسنون، أو يشنّوا غارات على مخالفيهم لِمُجرّد أنّ مسلكهم في التديّن مغايرٌ لِما هم عليه؛ فلا يحقّ لهم أن يُنصّبوا أنفسهم أوصياء على أحكام الشّرْع، أو ناطقين باسمه، وبضاعتهم الفقهية مزجاةٌ، ورصيدهم تقليدٌ في تقليدٍ.

 من مقدّمة الكتاب

«...قد يشاطرني القارئ الكريم الرأي إنْ قلتُ إن مظاهر التعصّب التي كانت سائدة لدى بعض مريدي الطرق الصوفية أوائل القرن الماضي ــ العشرين ــ نجدها اليوم أشدّ، وأنكى أثرًا عند بعض المنتسبين للجماعات الإسلامية، أو الأحزاب السياسية

    ولو كانت ثقافتنا الاجتماعية تتّسم بالعمق، وبالأصالة لكنّا تخلّصنا منذ أمدٍ من تلك المسالك البائسة؛ ذلك أن الثقافة المغلقة داخل الإطار المرجعي الوحيد، لا تُولِّدُ إلّا شخصيات لا تعترف بالتنوّع، ولا تتسامح مع الاختلاف المشروع، ولو كنّا نستفيد من دروس التاريخ المحلّي، والوطني ابتداء، لما وصلنا إلى هذا التفكّك المجتمعي، وشيوع مظاهر التنافر البغيض باسم الدين، وباسم الوطنية. ص:06»

 «نضع بين أيدي القرّاء هذه الرسالة: " تعليق في حُكم السملة، والتقليد" للشيخ إبراهيم بن عامر ــ يرحمه الله ــ بعد أن بقيت مخطوطة مُدّة قرْنٍ، أو أكثر، واجتهدنا بتوفيقٍ من الله لخدمتها، وإخراجها في ثوْبٍ مُدقّقٍ، ومُوثّقٍ مع التقديم لها بالتعريف بكاتبها، مع بيان منهجه. ص8»

    ولئن كانت المسألة ذات بُعْــد فقهي له اعتباره؛ إلّا أن العوام لا طاقة لهم بالتدقيق في الأدلّة، وما تفيده في الموضوع، فيتعصّبون للرأي الذي ألِفوه، أو اطمأنّوا إليه عن طريق المشايخ الذين يقلّدونهم.

    ويظهر وجه الصلة بين البسملة، والتقليد في أن الشيخ ابن عامر رأى أن يعالج مظهرًا من مظاهر التعصّب في زمنه يخصّ حكم لزوم الجهر بالبسملة من عدمه بين بعض مريدي الطرق الصوفية، فأراد الشيخ أن يوصل رسالة مفادها أن المسألة قديمة اختلف فيها الكبار منذ عهد الصحابة، والتابعين، ومَن جاء بعدهم؛ وأحدثت سجالًا علميا رفيع المستوى بينهم، ممّا يستدعي من العامي أن يُسلِّم، ولا يجادل فيما هو غير مؤهّل للنظر فيه؛ فما عليه إلّا اتّباع مذهب إمامه، أو شيخه دون أن يحشر أنفه في دائرة السِّجال، أو التعصّب لهذا الموقف الفقهي، أو ذاك؛ فضلًا أن يحكم ببطلان الصلاة من عدمها.

    ولأجل الغرض المذكور عمد الشيخ ابن عامر إلى ذِكر الأقوال، ونماذج من المؤيِّدات الفقهية دون أن يكلِّف نفسه بيان أوجه الدلالة من كل نصٍّ مرْويٍّ.

    وبناء عليه ناسب أن يتوقّف العامي عن الخوض بجهل، وتعصُّبٍ في هذه المسألة الفقهية، ونظائرها، وأن يلتزم تقليد المفتي الذي يرتضيه.

    واجتهد الشيخ في توثيق الأقوال الفقهية، ونسبتها إلى أصحابها.

    نظرًا لأهمّية موضوع البسملة، وارتباطه بكتاب الله تعالى من جهة، وعلاقته بأعظم عبادة، هي الصلاة؛ فإن الكتابة فيها كثيرة، ومتنوّعة سواء في المدونات، أو في مصنفات التفسير، وعلوم القرآن.

 وبعد:

 البسملة، أو التسمية؛ وتُعرَف أيضًا بأصلها:

«بِسْمِ ٱللَّهِ»، هي العبارة الإسلامية: "بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ"  يبتدئ المسلم بالبسملة عباداته كالغسل، والوضوء، والتيمم.

   تُسمى البسملة تاج السور، وتبدأ سورُ القرآن الكريم كلها بالبسملة، عدا سورة التوبة، هي مفتاح القرآن، وأول ما جرى به القلم في اللوح المحفوظ، وأول ما أمر الله به جبريل أن يُقرِئَه النبي محمدًا صلّى الله عليه وسلّم: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ [العلق:1]، فكان أول أمرٍ يُنزَل عليه.

     معنى بسم الله أي: أبدأُ قراءتي باسم الله، أو باسم الله أبدأ قراءتي، والغرض من التسمية حصول البركة.

    اختلف العلماء هل هي آيةٌ من القرآن، أو آيةٌ من سورة الفاتحة. ذهب جمهور المسلمين على إثباتها في أول سورة الفاتحة، واختلف القُراء السبعة على الإتيان بها عند ابتداء القراءة بأول أيّة سورةٍ من سور القرآن، عدا سورة التوبة، فمنهم من قرأ بها، ومنهم من قرأ بحذفها.

    ما أجمع عليه العلماء، والفقهاء أنّ المسلم في صلاته مُخَيَّرٌ في الإتيان بها.

 

 

 

 

 

 

    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  مجلّة " ُأفُق" الثقافية في عددٍ جديدٍ   قراءة وعرْض: بشير خلف      صدر العدد الجديد 44 من مجلة " أفق الثقافية" بتا...