الأحد، 17 يناير 2021

القصيدة والموسيقى فعل مشاغبة..؟ !

  القصيدة والموسيقى فعل مشاغبة..؟ !

من حوار مُمتع مع الفنان مارسيل خليفة أجرته معه مجلة نزوى العُمانية:   

« أنا مع القصيدة والموسيقى كفعل مشاغبة.. عصياناً وجودياً ونزعة للإفلات من القطيع. الشعر يدعو مستمعيه لارتكاب الشغب نفسه، فالشعر لا يكبر، يظلّ شاباً، خارجاً على القانون، متمرداً، صوفيّ التأمل والروح والحلم والتوحّد، وكل «أنا» شعرية تضيء هي انتصار على الموت والحرب والوحشيّة والابادة الروحية والنفسية والجسدية.

 

من كان يظن يوما أنّ الطاولات والكراسي والطناجر وعلب الحليب الفارغة وقصب الغزّار اليابس، التي يقرعها ذلك الولد الصغير، مُحوّلا إياها بخياله الخصب إلى آلاتٍ موسيقية، من كان يظن أنّها ستغير حياته، من كان يظن أنّ الولد الذي يُلحّن القصائد المدرسية كي يحفظها ويتلوها غيباً في ساعة الاستظهار.. من كان يظن أنّها ستأخذه إلى «أوبرات» العالم الشهيرة؟

 

لقد نقلت بواسطة آلة العود لغة موسيقية خاصة من سحر الشرق القديم ورومانسية حنونة وإيقاعية صاخبة. اعترف بأنني ما زلت أنحني واصلي للعلاقة الوطيدة القائمة بين الجمهور وبين أعمالي واعترف أيضا أن الهم الموسيقي ما زال يوقظني للسهر على المرأة الطالعة في البال وعلى الشهداء عندما يذهبون الى النوم اصحو لأبوح موسيقى.

لم تولد الاغنيات من نزوة طائشة خرجت على منوال إيقاع الحب من نار لا يقودها حطب البراري، من نقر على وتر القلب، من غفلة صوت مبحوح، من شرشف تضرّج بالدم القاني، من دمعة شاهدة على الولادة.

 

أحببتُ الشعر لأنّه لا يكبر يظلّ شاباً، خارجاً على القانون، متمرداً، صوفيّ التأمل والروح والحلم والتوحّد. وجمعت في الشعر ماضيا مشبعا بالسحر ومستقبلا مزدانا بالتفتحات الرائعة، وكان الشعر يُوصلني إلى تلك النقطة التي يلتقي فيها الماضي بالمستقبل والحلم باليقظة والجنون بالوعي والخارق باليومي

 

الشعر يرقص عارياً في الشمس بلا حياء وحتى الإغماء، لا احتمال للحياة خارج الشعر ولا جمال للحياة خارج الشعر ولا حياة خارج هذا الشيء القليل أو الكثير أو التام من الجنون الذي هو الشعر دائماً باق بجهة الشعر.

 

حتى في الوجوه يجب أن نجد أثراً للشعر، حتى عيون الناس، ويوم كان يضيع الشعر من الارض كانوا يعثرون عليه لاجئاً فيها ؟!»

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...