الاثنين، 25 يناير 2021

  من السّرد العربي الماتع

       السّرد الممتع، وجماليات الوصف في نصوص الروائي الكبير الليبي إبراهيم الكوني:

 «..كان رفاقه يتغامزون فيما بينهم، ويُخفون بسمات السخرية وهم يروْن ذلك العلج العنيد، وهو يتحجّبُ بأقنعة الملثّمين، ويلفُّ بدنه البدين، الـمُتصبِّب عرقًا بأثواب الصحراويين الفضفاضة، مُعْتليا سرْجًا عاليا مُـــثـبّـتًا على ظهر جمل أهوج، جمح به مرارًا ليصرعه أرضًا؛ فما كان من رفاقه إلّا أن تمادوْا في سخريتهم ليقولوا له: إن ركوب سفينة الصحراء ليس كركوب سفينة البحر؛ لأنه إن استطاع أن يُخفي حقيقته عن شُــذّاذ الآفاق، فليس له أن يُخفيها عن سلالة البعير.»

                                                 ( من رواية: يوسف بلا إخوته. ص 293)

 

«.. استقطع من اللثام خرقة أحكم لفّها حول جذر الأصابع المفقودة، ثم استلقى يتنصّت لرزّ السكون، ويتأمّل السماء العارية من السحب، المغمورة بفيوض البدر السخيّ. تحت هذه الفيوض تستبدل البحيرة التليدة لون جلدتها، فتستعير الألق الفضيّ ليلا بدل الزرقة المكابرة نهارا؛ لأن صفاء السماء نهارا هو الرسالة التي اعتادت أن تستسلم لها منذ الزمن الذي فرّت فيه الغيوم من الصحراء لتجعل من كل ما تحت قُبّة السماء عراءً.»

                                    ( من رواية: رسول السماوات السّبع. ص 39)

 

«..والواحة تهجع في سهل فسيح تحدّه من الشمال سلسلة من الروابي التي تتسلّق هاماتها أضرحة الأوائل ذات الشكل المستدير الذي تروي سير هؤلاء أنه مستعار من شكْل أبنية الواحة الصارم في استدارته في المراحل الأولى، المستعار بدوره من استدارة السور الذي يطوّق الواحة؛ لأن الاستدارة لم تكن ناموسا إلّا في عُرْف الأجيال الأولى التي استنزلت الاستدارة أرْضًا من استدارة الأجرام السماوية؛ هذه السلسلة من الروابي  تقود إلى جبلٍ يربض في الشمال كحيوان خُرافي.»

                                                                                                                                                                           (من رواية: الورم. ص 62)

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...