الأحد، 8 نوفمبر 2020

..ثقافة النسيان، والإقْبار

..ثقافة النسيان، والإقْبار

بشير خلف

     تعرّفتُ عليه لأوّل مرّة، والتقيتُ به في إحدى زياراته لمدينة قمار في أوائل الثمانينيات لــمّا كان يصطحبه بين الفينة والأخرى معه المرحوم الدكتور بلقاسم سعد الله، حيث يمكثان أيّامًا يقضيان نهاراتها في منطقة " البدوع" الفلاحية بين جماليات النخيل، وسحْر الطبيعة، وعبق نباتاتها، والاسترخاء على الرمال الذهبية، لتتواصل لقاءاتنا فيما بعد بالعاصمة.

      في سنة 2003م نظّمت الرابطة الولائية للفكر والإبداع التي كنت أرأسها ندوة فكرية، موضوعها:" الإبداع بين التنظير والمُمارسة"، ومــمّا قرّرناه حينذاك أننا في كل ندوة، نجمع المحاضرات، ونُصدرها في كتاب، وكذا تكريم شخصية وطنية، وأخرى محلّية، فتمّ في ختام الندوة تكريم الفنّان المسرحي القدير أصيل مدينة الوادي فتحي صحراوي، والشخصية الوطنية " هو".

       ما تمكّن حينذاك من الحضور إلى مدينة الوادي للاحتفاء به، بسبب أمراضه العديدة، وعجْزه عن السفر، وما كان تكريمه الذي قمنا به: ورقة   A4تحمل في أعلاها كلمة " تكريم"؛ بل كانت شاحنة متوسطة حملت إليه عديد الهدايا، وأذكر بعد أن وصلته، كلّمني متأثِّرًا شاكرًا، حامدًا، وحزينًا معًا:

«..صديقي العزيز، بصدْقٍ ما أرسلتموه إليّ من هدايا، ومستلزمات منزلية؛ خاصّة ما يخصّ المطبخ، فمطبخنا خلْــوٌ منه، ولا نملكه، أعجز عن التعبير عن فرحة زوجتي، كما فرْحتُها تضاعفت باللوحة التشكيلية المنجزة بحبّات الرّمل، تعبيرًا عن جمال الصحراء الجزائرية وطبيعتها الخلّابة.. ما يحزنني صديقي أنني لم أحْظ بأيّ تكريم، وأنا في أواخر أيّام العمر.. أنا الذي أفنيتُ عمري باحثًا، ومدرّسًا ما كُرّمْتُ في مسقط رأسي جيجل، أو في جامعة الجزائر التي بذلت فيها النفس والنفيس.»

            رحم الله ابن الجزائر البارّ، وفقيد المعرفة، وصديق الجميع، ولا سامح من تناسوْه، إنه المرحوم { الدكتور أبو العيد دودو} 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...