الأربعاء، 6 مارس 2013

الفنون الجميلة من رؤى إسلامية


الفنون الجميلة من رؤى إسلامية
بقلم: بشير خلف
" الفــن عمل يتأسس على الوعي والتفكير
مثال قطعة خشب منحوتة عمل فني لأني انجازها
قام على الوعي والتفكير والحرية وتحديد الغاية."
( كانط ..فيلسوف ألماني)

       إنه وفقا للخصائص التي تميّز بها الفنّ الإسلاميّ ، نرى أنّ هناك عناصر أساسية لا بُـدّ أن تتوفّر في الفنّ حتّى يكون فنّا جميلا ، منها :
1 ـ أن يكون الجمالُ غاية فيه وليس أمرا عارضا.
2 ـ أن يكون الموضوع الذي يتناوله من باب التحسينات ، والكماليات ، وليس من باب الضروريات
3 ـ أن يكون فيه قابليةٌ للإبداع ووجود الجديد .
ووفقا لهذه العناصر يُقال : إن النجارة ، والحدادة صناعةٌ ، وليست فنّا ، فالجمال ليس عنصرا أساسيا في تكوينها ، وإنما المنفعة هي الأساس فيها ، وهي من باب تلبية الضروريات ، وليس الكماليات .كما أن البحث في نظرية علمية ، أو اختراع آلة هو علمٌ ، وليس فنّا لانتفاء القصد الجماليِّ ..وهكذا .

ومنه أن الحرف والصناعات ليست فنونا ، وإنما هي حِرفٌ وصناعاتٌ قد تُوصف بالدّقّة ، والمهارة، والإتقان لغلبة العنصر الصناعي فيها حتّى وإن كانت تتوفّر على لمسات فنّية أبدع فيها فنّانٌ ، أو بفعل الآلة . من وجهة النظر الإسلامية إمّا أنّ هناك فنٌّ جميلٌ غايته الإمتاعُ ، أو هناك حِرفٌ وصناعاتٌ نفعيةٌ
الأستاذ صالح أحمد الشامي في كتابه " الفن الإسلامي" يوضّح الموضوع أكثر بقوله :
« …وعلى هذا نقول : فن" القول فنٌّ جميلٌ ، لأن الجمال مقصودٌ فيه ، والجمال من باب التحسينات ، وميدان القول أيضا ليس هناك ما يضبطه، فقابليته للجديد مفتوحةٌ . والرّسم والنحت فنّان جميلان ، لأن الجمال أساسيٌّ فيهما ، وهما من باب الكماليات ، وليس من الضروريات ، وإمكانُ الإبداع ، وإيجاد الجديد فيهما .»

والسّماعُ والموسيقى فنّان جميلان ، إذ الجمال مقصودهما ، وهما من باب الكماليات ، وميدان الإبداع ، وإيجاد الجديد واسعٌ فيهما . والبناء فنٌّ جميلٌ ، ذلك أن الجمال مقصودٌ فيه عادة ، والجمال فيه ليس من باب الضروريات ، بل من باب التحسينات ـ فيمكن الاستغناء عن التجميل عند الضرورة ، وقابلية الإبداع فيه موجودة. أمّا حين يقتصر فقط على تلبية الحاجة والضرورة ، فلا يكون فنّا إلاّ إذا رُوعيت في إنشائه قواعد هندسية ، وكذلك في توزيع مساحاته ، فهو حينئذٍ فنٌّ جميلٌ بهذا المعنى .
والزخارف حيث وُجِـدت فهي فنٌّ جميلٌ لانطباق المواصفات عليها. وعلى هذا الأساس فقد يصبح النجّارُ فنّانا إذا تناول عملُه الزخرفةَ الخشبيةَ ، والنسّاجُ قد يكون فنّانا حين يصبح عملُه اختراعَ الرسوم وتنفيذَها عليه ..وهكذا فنحن أمام قواعد نطبّقها ..فإذا توفّرت فثمّت فنٌّ
جميلٌ وإلاّ ، فلا .» 
الفنون تلك اللّمسات السحرية
أيّا ما كانت التصنيفات ، أو التقسيمات ، أو التفريعات للفنون الجميلة ؛ فإنها مجتمعة تُشْبع في الإنسان قدرته الخيالية ، وحاجته للمتعة وشوقه للحلم ، والجمال الفنّي تنظيمٌ للطبيعة ، فالموسيقى هي صياحٌ منظّمٌ ، والقصّة انفعالٌ موجّهٌ ، والجسم الإنساني في حركاته ، وما يصدر عنه من أصوات تصدر مجموعةٌ من الفنون في صدارتها الغناء والشعر والرقص ، كما أن علاقة الإنسان بالعالم الخارجي يتأتّى عنها مجموعة من الفنون الأخرى ذات نفْعٍ له كالعمارة ، والنحت ، والتصوير ، وغيرها من الفنون الأخرى .
كلّما سما الفكر ..ارتقى الإحساس بالفن
إن الفنون مندمجة في وجدان الإنسان ، وكلّما ارتقى وعْيه وسما فكره صار أكْثر إحساسا بالفنون التي تتنوّع وتتفرّع باتّساع حياة الإنسان وتنوّع علاقاته ..من ارتباطٍ بخالق الكون ، ومُبدع الجمال المطلق في الإنسان والكون ، إلى علاقات مع الآخر القريب ، فالبعيد ، فالأبْعد ..إلى سلوكيات قوْلية ، وعملية تتطلّب أساليب فنّية في الأخْذ والعطاء ، والتأثّر والتأثير ، وتبادل المنافع ..كلّ ذلك يتمّ بأساليب حضارية راقية ، وذاك هو الفنّ الحقّ ..سمّهْ ما شئت : الفن النفعي ، أو الفن الصنعي ، أو الفن أو …الخ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...