الخميس، 7 مارس 2013

وشتان بين الأمن والأمان


وشتان بين الأمن والأمان
بقلم: بشير خلف
       الأمن والأمان كلمتان من بين الكلمات التي تتردد عشرات المرات كل يوم ، يتشدق بها الجميع بحق وبغير حق ، ولكن تحقيقهما معاً يحتاج إلى عشرات من السنين وإلى قسط هائل من الوعي والعدالة والديمقراطية.
     فبينما الأمن هو الشق التطبيقى القانونى الذى يمكن أن نراه ، فإن الأمان هو الشق الحسى الذى يعطى الشعور الحقيقى بالطمأنينة. وبينما لا يمكن تحقيق الأمان بدون الأمن فإنه من السهل تحقيق الأمن منفرداً ، فهذا الأخير لا يحتاج أكثر من سلطة مستبدة تتحكم تملك وتوجه الإعلام ، ولا مانع من قانون مثل قانون الطوارئ للتهديد به في حالة الأزمات والمآزق.
      والأمن بدون أمان يؤول إلى تمركز السلطة ثم إلى فرض القانون وتجاهل الرأي الآخر باستخدام القوة لضمان استتباب هذا الأمن. أما الأمان فهو لا يتحقق إلى مع الأمن واستكمالاً له ، ولا يصح أن يكون مجرد نافلة تتحقق أو لا تتحقق إن سمح الأمن بذلك ، لأن فى هذه الحالة يكون أماناً وهمياً يأتي ويذهب حسب ظروف الأمن ، وعندها يمكن استغلاله لحسابات سياسة معينة أو توجه معين. والأمان يحتاج إلى الكثير حيث لا يمكن تحقيقه بدون أن تكون الناس سواسية في حقوقهم وواجباتهم ، ولا يكون هناك محسوبيات لتفضيل شخص عن آخر أو فئة عن أخرى ، وأن تكون هناك ثقة لمن في أيديهم السلطة والقرار ، فلا يكون أمان طبقة على حساب أمان طبقة أخرى بين مقربين وغير مقربين وهكذا.
        والأمان شيء لا يرى ولا يسمع ولكنه شيء يحس ويستنشق ، يجعل الإنسان مطمئناً على حقه وعلى قوته وعلى مستقبله ، يجعل الإنسان مخلصاً لبلده منتجاً متقناً لعمله هادئ النفس مؤمناً بقضيته. هؤلاء الذين يدعون في بلادنا أنهم حققوا الأمن والأمان هم أنفسهم لم يتذوقوا مذاق الأمان الحقيقى ، وشتان بين الأمن والأمان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...