الاثنين، 11 مارس 2013

النكتة والفكاهة محلّ شهادة ماجستير


النكتة والفكاهة محلّ
شهادة ماجستير
عرض: بشير خلف
تحصّل الأستاذ الطالب غريب أحمد فواتحية أخيرا على شهادة " الماجستير " بدرجة مشرّف جدّا في المركز الجامعي بسوق أهراس، في موضوع طريف جدّا قلّما يتطرّق له الطلبة عندنا، ألا وهو موضوع الضحك، والنكتة، والطرفة، وللعلم فإن الأستاذ غريب أحمد فواتحية مفتش للتربية والتعليم الأساسي، من ولاية سوق أهراس زار ويزور ولاية الوادي تقريبا كلّ سنة في إطار المهرجان الوطني للأنشودة المدرسية، شغف بهذه المنطقة، وتعلّق بها، وارتبط بأصدقاء له فيها، وبمجرّد حصوله على شهادة الماجستير هتف إلينا، ثم أرسل لنا نسخة من شهادته.
موضوع الرسالة المقدمة: النكتة في كتاب " ألوان بلا تلوين" للأستاذ المرحوم محمد الأخضر عبد القادر السائحي، دراسة لسانية تداولية.

الرسالة المقدمة لنيْل الماجستير كانت صفحاتها ومن الحجم الكبير( A4 ) 166 صفحة ..هذه الرسالة بعد المقدمة، والإهداء، والشكر، قسّمها إلى ثلاثة فصول:
1 ـ التداولية واللسانيات: دراسة تحليلية في المفاهيم الأساسية لتحليل النكتة.
2 ـ النكتة والضحك : المفهوم، والعوامل، والأنواع، والوظائف.
3 ـ النكتة: دراسة لسانية تداولية.
بذل الأستاذ جهدا كبيرا في تحضير رسالته من حيث توفير المراجع، ومصادر البحث التي تجاوز عددها 80 بين مراجع باللغة العربية، واللغة الفرنسية ومعاجم ..ممّا أثْرى موضوع الرسالة التي يمكن أن تكون في شكْل كتابٍ قابلٍ للطبع والنشر، يُستفاد منه، خاصة وأن مكتبتنا في الجزائر تكاد تخلو من مثل هذا الأدب الفكاهي، بل حتّى من أعلامه منذ وفاة الأخضر عبد القادر السائحي.

الأستاذ غريب أحمد فواتحية في بداية مقدمته ارتأى أن يخصص الفصل الأول للدراسة اللسانية التداولية للتيسير على القارئ الكريم حتى يسهل عليه الولوج برفق وهو مسلح بهذه الدراسة إلى النكتة في كتاب " ألوان بلا تلوين"
أمّا اهتمامه بالنكتة وإنشائها وكتاب " ألوات بلا تلوين " لم يكن وليد الساعة، بل هو موضوع لطالما استوقفه من حيث هو إبداعٌ فنيٌّ متميز يرده الدارسون إلى عبقرية المبدع وذكائه، وبراعته، وإلى كثير من الموهبة وسعة الخيال في استثمار المواقف، والوقائع الحياتية لتحويلها إلى نكتة ساخرة، إضافة إلى عوامل ذاتية كلها لا تترك للموهوب في هذا الفن من فرصٍ إلاّ نقْل نكات الآخرين، أو محاكاتها لإنشاء صُورٍ طبق الأصل.
« …والمحاكاة هذه حرّكت فضولي إذْ هي وسيلة مقبولة في رأيي إذا توصّلتْ إلى إنتاج نكتة من البصمات الشخصية ما يُِؤمّنُ لها الجدّة والوقاية من الفتور، ولكي تكون محاكاة من هذا النوع يفترض أن تستند إلى الخصائص المشتركة للنكتة بصورة عامة، كالمفارقة، والمفاجأة الناتجة عن الألعاب اللغوية، والانتهاكات المتنوعة..هذه الخصائص والتي تشكل في تصورنا شبكة كشبكة الكلمات المتقاطعة، يتمّ ملؤها بكيفيات معيّنة لإنتاج نُكت جديدة حسْب الحاجة، غير أن هذه الخصائص متنوعة، ومتعددة ولا مجال لحصرها، فمنها ما له علاقة باللغة، ومنها ما يتعدّى اللغة إلى الموقف وعنصر السياق…»
في الفصل الثالث المعنون بـ " النكتة، دراسة لسانية تداولية " انطلق فيه ممّ تم التطرق إليه في الفصلين السابقين أن النكتة تنشأ من انتهاك يطال المبادئ، والقواعد، أو الشروط التداولية فيؤدي هذا الانتهاك، والإخلال إلى خلْق الغرابة التي تفاجئ المتلقّي، فتنشأ النكتة، ويحدث الضحك..فراح الباحث في هذا الفصل يتقصّى عن تلك المبادئ، أو القواعد، والشروط المنتهكة، وحاول إبرازها، وتبيان مواقعها، وما انجرّ عليها من تأويلات غير متوقعة من المتكلم في المواقف التواصلية. 
وسنتوقف عند الفصل الثاني، سيّما ما جاء في التوطئة حيث أشار الباحث إ
لى أنّ حياتنا اليومية مهما اتسمت بالجدّ، وخطاباتنا بالحزم، فإنها لفي أشدّ الحاجة إلى المزحة، والنكتة الطريفة، إذ أننا بالضحك نخفّف عن النفس من عبْ الحياة، ومن ثقل العمل المضني، والتفكير المرهق، كي نطرد السأم والملل، ونزرع جوّا من الألفة والمرح والإستئناس.
كثيرا ما نجد النكتة تنوب عن الموعظة، فيحصل بها النفع والإصلاح، دون التسبب في جرْح الآخرين، وحتّى وإن تسبّبت في إحراجٍ فهو لا يضاهي الإحراج الذي ينجرّ عن النصيحة المباشرة. والنكتة في المجالس المختلفة كالضيف اللطيف المحبوب الذي لا تملّ مجالسته، فلا تضيق به مجالس الأنبياء، ولا العظماء، ولا البسطاء.
تكتسي النكتة هذه الأهمية من إثارتها للضحك الذي هو السرور والانشراح، وباعث الحيوية والنشاط؛ ناهيك عن منافعه الصحية للجسم البشري، ودوره في توطيد العلاقات الاجتماعية، وإصلاح ما ينالها من رتابة، ويلحق بها من شروخٍ.
وإذا كان من أبرز وجوه النكتة الوجهان النفسي والاجتماعي، فهي إلى جانب هذا هي نوعٌ من التعبير المتميّز له خصوصياته إنْ على المستوى التركيبي، أو المستوى الإبلاغي، وهي خصوصيات تقف وراء شحنتها الهزلية التي تجعلها شيّقة، ممتعة، سريعة الانتشار، وتجعلها محلّ تأمّلٍ ودراسة وجدت مكانها عند الفلاسفة والمفكرين، وعند الأدباء، وعلماء النفس الاجتماعي، وهي جديرة بأن تكون محلّ دراسة لسانية تداولية، تُسهم في كشْف أغوارها، وتيسّر إنتاجها إنْ هي ظفرت بسرّ الطرافة في هذه النكتة، وجعلته سهْل المنال لمنْ أراده.
نكتٌ مختارة
الباحث ركّز على بعض النكت التي جاءت في كتاب " ألوانبلا تلوين " نختار بعضا منها:
1 ـ قال أحد الفقهاء: إن الانتحار جرعة نكراء حرّمتها الشرائع.
فقال له أحد جلسائه: ألا توجد يا سيدي طريقة للانتحار لا تحرّمها الشرائع ؟
فقال: نعم، توجد طريقة أباحها القرآن الكريم، ولم تحرّمها شريعة الإسلام، هذه الطريقة هي الزواج بأربع زوجات، والجمع بينهنّ.
2 ـ قالت المعلمة للتلميذة: ما تصنع أمكِ لو رأتكِ بهذا الثوب القصير؟
قالت: ستضربني بلا شكٍّ.
فقالت المعلمة: عرفتُ إذنْ لماذا تضربكِ.
فقالت التلميذة ببساطة: لأنه ثوبها ولبستُه بغير إذنها.
3ـ قال المعلم: أعرفتم الآن أنّ الحوت الكبير يأكل السردين.
فقال أحد التلاميذ: ولكن يا سيدي كيف يفتح علبة السردين؟ 
4ـ سأل رجلٌ طفلاً : ماذا يعمل أبوك؟
فأجاب الطفل على الفور: يعمل ما تأمره به أمي.
تهانينا إلى أستاذنا وصديقنا غريب أحمد فواتحية على هذه النجاح، وإن شاء الله إلى الدكتوراه، وإلى الاستمرارية في نفس الموضوع لأننا في حاجة إلى مثل هذه البحوث.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...