نيران الإرهابيين تلتهم 20 ألف مخطوطة في مكتبات “تومبوكتو”
ويمتد “مركز أحمد بابا”، وفق تقرير لصحيفة “الشرق الأوسط”، على مساحة تصل إلى 4800 متر مربع، حيث يضم قاعة محاضرات تتسع لـ500 طالب، وقاعة مؤتمرات تتسع بدورها لنحو 300 شخص، بالإضافة إلى مكتبة ضخمة تحتوي على آلاف المخطوطات الثمينة في مختلف المجالات العلمية. ويضم المركز على أكثر من 20 ألف مخطوطة؛ بعضها كان محفوظا في سراديب تحت الأرض، فيما قام المركز حتى الآن بمعالجة أكثر من 18 ألف مخطوط، بينما كان المشرفون عليه يسعون لمعالجة أكثر من 300 ألف مخطوط موجودة في “تومبكتو” وضواحيها لدى العائلات الكبيرة التي تعتبر هذه المخطوطات تراثا خاصا بها وتركة من الأجداد، ويقدر الباحثون عدد المخطوطات المنتشرة في منطقة “أزواد” بنحو مليون مخطوط لدى العائلات البدوية المتنقلة. وكانت مهمة “مركز أحمد بابا” هي تصنيف المخطوطات التي يتم العثور عليها وحمايتها وترميمها، بالإضافة إلى تصويرها من أجل تشكيل مكتبة إلكترونية أكثر قدرة على البقاء والصمود، حيث تشمل هذه المخطوطات كتبا في التاريخ على غرار “اليهود في تومبكتو” و”تاريخ السودان” للمحمود قاطي، المؤلف في القرن الخامس عشر، و”تاريخ الفتاش” لعبد الرحمن السعد في القرن السابع عشر، بالإضافة إلى مؤلفات في الفلسفة والقانون واللاهوت واللغة والرياضيات والفقه وأصول الحكم، وكتب طبية تتحدث عن مضار التبغ ووصفات للأدوية والعلاجات، مع مؤلفات أخرى تشير إلى الحركة التجارية الكبيرة التي شهدتها المدينة في مجال بيع العبيد وتحريرهم، وأسعار الملح والتوابل والذهب والريش.
من ناحية أخرى، توجد ضمن هذه المخطوطات مراسلات بين الملوك في منطقة الصحراء الكبرى، التي تمت زخرفتها بماء الذهب الذي كان ينتشر بكثرة في المنطقة، إضافة إلى مخطوطات ثمينة تم نقلها من بلاد الأندلس عندما خرجت من سلطة المسلمين في القرن الخامس عشر إبان ازدهار “تومبكتو”. وشكلت هذه المخطوطات التي حاول “مركز أحمد بابا” جمعها وتصنيفها، عامل جذب لعدد من الرحالة والمكتشفين الغربيين؛ على رأسهم الفرنسي “رينيه كاييه” والأسكوتلندي “مونغو بارك”، وصولا إلى الألماني “هنريخ بارت”، الذين انبهروا بالثروة التي تحويها مدينة “تومبكتو”. وبينما كانت مخطوطات مكتبات “تومبكتو” مهددة بالضياع نتيجة للظروف الصعبة التي تحفظ فيها والطبيعة الصحراوية للمنطقة، كانت النيران دائما حاضرة لتأخذ نصيبها من هذه المخطوطات؛ حيث سبق أن تعرضت لحرائق عدة؛ قد لا يكون حريق “مركز أحمد بابا” آخرها في ظل توتر الوضع بمنطقة الساحل عموما وشمال مالي خصوصا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق