الأربعاء، 6 مارس 2013

فرانسوا ميتران.. اليدان الملطخّتان بدماء الجزائريين !!


فرانسوا ميتران.. اليدان الملطخّتان بدماء الجزائريين !!
بقلم: بشير خلف
إن الذين يجهلون التاريخ المظلم للسياسيين، والقادة الفرنسيين في الجزائر، وكذا منْ لم يذوقوا، ولم يعايشوا سياسة حرْق الأخضر واليابس التي قام بها هؤلاء في هذا البلد، وبخاصّة خلال ثورة التحرير الجزائرية المباركة..
وأقصد هنا الإخوة العرب الذين يروْن من فرنسا إلاّ الوجه المشرق..وجه الحضارة..وجه حقوق الإنسان..وجه الثلاثية المعروفة، ويعرفون من عاصمتها أنها عاصمة النور، مدينة الجمال والحبّ، مدينة الرومانسية ، مدينة المتعة والمعالم التاريخية، ومحطّ متحف اللوفر أين تتوطّن أهم اللوحات الفنية لأكبر الرسّامين العالميين..مدينة الشعر وآخر الإصدارات.
في مقالنا هذا سنورد شهادتيْن متناقضتيْن لأحد هؤلاء، والذي كان وزيرا للعدل الفرنسي أيام ثورة التحرير..الذي كان جلاّدًا بحقٍّ، وهو في منصبه هذا، وصار فيما بعد رئيسًا للجمهورية الفرنسية لمدة أربعة عشر سنة..هذا الجلاّد الذي ذاق منه أحرار الجزائر العلقم يراه إخوة مشارقة على أنه رجل السياسة و" الأدب" وهؤلاء العرب لا شكّ يسعوْن جاهدين أيامنا هذه لأجل المشاركة، ولو بالإعلام تحضيرا لذكرى وفاة هذا المجرم الذي لا يختلف عن أمثاله من مجرمي الاستعماريين.

إقرأ معي أيها القارئ الكريم ما كتبته مراسلة مجلة " روز اليوسف " المصرية في باريس في موضوعها الموسوم " فرانسوا ميتران ..رجل السياسة والأدب " بتاريخ:يوم الجمعة 01/10/2010:
" فرانسوا ميتران ..رجل السياسة والأدب "
« في الثامن من يناير 2011 تحل الـذكري الـ15 لرحيل الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا ميتران، الذي دامت مدة رئاسته 14 عاما. وبما أن الاحتفاءات ونصب التماثيل لشخصيات الأدب والسياسة والفن طقس عريق في فرنسا، فإن الرئيس الراحل سيعرف بهذه المناسبة حياة أخري عبر الإصدارات الجديدة، البرامج التليفزيونية، الشهادات، الندوات في مفكرة الناشرين الفرنسيين صدرت وتصدر مجموعة شهادات، أبحاث ودراسات في مدح الرجل، مساره، منجزاته أو على النقيض، انتقاد وتعرية سياسته إذ يعتبر الرئيس السابق فرانسوا ميتران من أهم رجال السياسة الفرنسيين الذين أثروا بلا شك في تاريخ الجمهورية الفرنسية سواء في مجال السياسة أو الأدب. تأتي هذه الإصدارات كذلك للإجابة علي طلبات العديد من القراء الذين يقرؤون ميتران كاتبا بكل المقومات الفنية، الأسلوبية والبلاغية، قبل قراءته كرجل سياسة فقد ولد فرانسوا في مدينة جارناك ، ونشأ في بيئة برجوازية وكاثوليكية. كان أبوه من الوجهاء، اضطر لمسايرة قيم عائلته واتبع المسلك الذي رسمته له بيئته. درس الآداب والحقوق في باريس وتخرّج في المدرسة الحرة للعلوم السياسية وأصبح متطوعًا في حركة الكولونيل لاروك للشبّان، التي تدعو إلي تقوية السلطة التنفيذية وتميل إلي أقصي اليمين.وعلي خلاف الأسطورة التي ساهم في ترويجها، كان طالبًا مسيساً لا يربأ بنفسه عن المشاركة في المظاهرات ضدّ الأجانب. إلا أنه لم يكن فاشيا ولا معادٍ للسامية ، بل كان هاجسه الأدب كما تبرهن عليه نصوصه عن فرنسوا مورياك وأندريه جيد وهنري دو مونترلان، بالإضافة إلي عشرات المؤلفات الأدبية والسياسية.
ويرسم الكتاب الذي ألفه أستاذ العلوم السياسية فرانسوا هورمان تحت عنوان "السلطة والقلم" رسم صورة الرئيس الأديب وتحليل لمكانة الكتاب والثقافة في فترة حكم ميتران الذي تعتبر رحلة صعوده السياسي جزءًا لا يتجزأ من مسيرته الأدبية ، كما يساهم في دراسة مؤسسة الرئاسة في فرنسا أثناء حقبة الجمهورية الخامسة.»(1)
على أننا نورد هنا ما جاء في كتاب صدر حديثا في فرنسا يُعرّي هذه الشخصية الملطّخة يديِها بدماء الشعب الجزائري يوم أن كان وزيرا للعدل أثناء الثورة ..الكتاب بعنوان:
"فرنسوا ميتران وحرب الجزائر"
كتاب في عمومه يكشف وبالوثائق، والشهادات الحيّة " دوْر فرانسوا ميتران خلال حرْب التحرير"
عندما غادر فرنسوا ميتران وزارة العدل في أيار/مايو 1957 في أوج حرب الجزائر، كان 45 وطنيا قد أعدموا بالمقصلة، كما ورد في كتاب جديد يكشف للمرة الأولى جانبا غامضا من حياة الرئيس الفرنسي الأسبق فرنسوا ميتران الذي ألغى عقوبة الإعدام في 1981.والكتاب الذي يحمل عنوان "فرنسوا ميتران وحرب الجزائر" والذي صدر عن دار كالمان ليفي، نشر بعد تحقيق استمر سنتين للصحافي فرنسوا مالي والمؤرخ بنجامين ستورا.
وقال ستورا الخبير في شؤون الجزائر لوكالة فرانس برس "درسنا بدقة عددا هائلا من الوثائق، بينها حوالي 400 صفحة من محاضر جلسات المجلس الأعلى للقضاء في تلك الفترة، ووزارة العدل وحتى المكتب الجامعي لأبحاث الاشتراكيين، وعثرنا على وثائق لم تنشر من قبل".
ويكشف الكتاب الذي حرره ستورا مع مالي الصحافي في مجلة لوبوان، أن ميتران سمح دون أن يرفّ له جفن عندما كان وزيرا للعدل في وزارة الاشتراكي غي موليه وخلال 16 شهرا بقطع رؤوس وطنيين جزائريين سواء كانت أيديهم ملطخة بالدم، أو لم تكن.وأُعِــدت ملفّات هؤلاء الجزائريين في وزارة العدل، واعترض وزير العدل نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء (ميتران حينذاك) على ثمانين بالمئة من طلبات العفو.
ولأشهر طويلة عبر ميتران علنا عن إرادته في دحْر التمرد.(يقصد الثورة الجزائرية) أما توجهاته عند التصويت في المجلس الأعلى فكانت كما وصفها جان كلود بيرييه الرجل الوحيد الذي ما زال على قيد الحياة من أعضاء المجلس في ذلك الحين "قمعية جدا ولا يمكن معارضتها". وأضاف "لكنها كانت تلك رؤيته للجزائر وكان يعتقد أنها الحل الأمثل". وأشار مؤلفا الكتاب إلى أن ميتران السياسي الماهر، والطموح والذي كان في الأربعين آنذاك، كان عليه تقديم ضمانات للأكثر تشددا في الحكومة، ليضمن بقاءه فيها.
وأضاف انه في تلك اللحظة الخاصة جدا في التاريخ ما يمكن أن يؤاخذ عليه هو انه "ساير بدون أي مخالفة، حركة عامة لقبول النظام الاستعماري ووسائله القمعية".وقال ستورا إن "المؤرخ جان لوك اينودي كان قد فتح ثغرة في هذا الماضي ووضع في 1986 لائحة أولى للذين أعدموا خلال حرب الجزائر". وأضاف "لكن لا أحد تناول موضوع ميتران بالتحديد". وتابع "لماذا ميتران؟ لأنه أصبح رئيسا للجمهورية.. إنه أمر لا بد منه".
وجمع مؤلفا الكتاب أيضا في فرنسا والجزائر شهادات لا سابق لها لأشخاص كانوا ناشطين في تلك الفترة بينهم المؤرخة جورجيت ايلجي التي شهدت حوادث كصحافية ثم كمستشارة في الاليزيه اعتبارا من 1982، وشخصيات أخرى مثل روبير بادينتر، ورولان دوما، وميشال روكار، وجان دانيال.
وقد وافقوا للمرة الأولى على التطرق إلى هذا الجانب المجهول من حياة ميتران السياسية الذي اعترف نسبيا بما نُسب إليه بعد ذلك. وقد أدلى بهذا الاعتراف بعد عقود بقوله: "ارتكبت خطأ واحدا على الأقل في حياتي".
ويؤكد المؤرخ "ما أردت أن افعله أيضا هو إسْماع صوت الجزائريين، وكان هذا مصدرا رائعا لكشف الأسرار. فشقيق أحد الذين أُعدِموا بالمقصلة وهو مسؤول سابق في الحزب الشيوعي الجزائري أدلوا بإفادات ولم يكونوا قد تحدثوا من قبل". (2)
إن هذا المجرم وكما هو موثّقٌ عارض بشدّة استقلال الجزائر عندما كان وزيرا للداخلية في حكومة منديس فرانس( 1954 ـ 1955)، وتبنّى موقفا عدوانيا مناهضًا للفرنسيين الذين تعاطفوا، أو دعّموا الثورة الجزائرية، وجبهة التحرير الوطني؛ وفي اجوان 1958 صوّت في البرلمان الفرنسي ضدّ تسليم السلطة للجنرال ديقول، وانتقل إلى صفوف المعارضة.
لا أحسبُ أن الذي أعطى الأمر بقصّ رؤوس الجزائريين كالخراف بالمقصلة يمكن أن يكون ذا أحاسيس إنسانية راقية، والشعر وليد هذه الأحاسيس، وتأكيدا مثل ما انبهرت مراسِلة المجلة المصرية من باريس بالرئيس الشاعر والسياسي، ومن باب الأخوة أدعو هذه الصحفية ومثيلاتها، وأمثالها من الإعلاميين العرب وقبل أن ينبهروا بالغرب أن يتشبّعوا بقيم وتاريخ بلدانهم، وباقي البلدان العربية والإسلامية حتّى لا يكونوا وسيلة لطمس أمجاد تاريخهم، وتاريخ الأمة التي ينتسبون إليها. ـ وأشكّ إنْ كانت درستْ حياته في كل مراحلها ـ فهناك الكثير من أبناء جلدة هذا الوطن يتوقون إلى قدوم هذا اليوم لمشاركة أبناء فرنسا احتفاءهم برئيسهم السابق، وهو بالنسبة إليهم شخصية مرموقة وهامّة، ولها بصماتها في تاريخهم المعاصر، وربّما حتّى على مسْرى حياتهم اليومية بالقليل أو الكثير..وهذا من حقّهم كفرنسيين، أمّا أنْ يكون البعض منّا إمّعة يسيرون في ركْبهم، فهذه طامّة أخرى.
..قبل أن نلوم إخوتنا المشارقة الذين نسوْا، أو تناسوْا أمجاد هذه الثورة التي زعزعت العالم لمدة تنيف عن السبع سنوات، ورفعت رؤوس الأحرار عالية في كل ربوع العالم، فإن مآسينا منّا نحن ..في هذا البلد الأحرار يصرخون ويصرخون مطالِبة بسنّ قانون يجرّم الاستعمار الفرنسي مقابل سنّهم وراء البحار قانون 23 فيفري الذي يمجّد استعمارهم للجزائر وغيرها باعتباره في نظرهم أداة لتحضير هذه الشعوب التي كانت في زعمهم هملاً لا كيان لها، ولا رابط يربطها.

لا أحد ممّنْ يشرّعون ويصدرون القوانين سمع هذه الصرخات، وأهدى لمنْ بقي من المجاهدين والمقاومين، والمواطنين الأحرار هدية إصدار هذا القانون قبل أن يرحلوا إلى الدار الأخرى، بالمقابل هناك أطرافٌ تتألم وتبكي بحرقة هذه الأيام على عدم مشاركة الجزائر في مؤتمر الفرنكفونية، وتعلن هذه الجهات أنه إذا قاطعت الجزائر فإنها ستفوّت على نفسها فرصة ثمينة، وتعلن رسميا عُزلتها عن أكبر تجمّع حضاري..!!؟
الفرنكفونية يا ناس معشّشة عندنا،تنخر كياننا،وتنخر هويتنا، سواء علمنا أم لم نعلم، سواء شاركنا أم لم نشارك. 
هوامش: 
(1) ـ هالة عبد التوّاب.فرانسوا ميتران..رجل السياسة والأدب/ مجلة روز اليوسف.01/10/2010
(2) ــ أخبار عربية.موقع مكتوب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...