الجمال فينا
وحولنا
كتاب صدر
في سنة 2007 للكاتب القاص بشير خلف
ضمْن إصدارات تظاهرة الجزائر عاصمة للثقافة العربية بإشراف وزارة الثقافة
بالجزائر ..الكتاب عبارة عن دراسة في الجمال كهبة رائعة من
الله سبحانه وتعالى للإنسان الذي وهبه العقل والحسّ الرهيف للشعور، والتمتّع
بهذا الجمال المتواجد في كل زوايا الكون ، وفي كل الموجودات، والمخلوقات بدءا
بالإنسان نفسه.
الكتاب من الحجم
المتوسط، يقع في160 صفحة ..تمحورت مواضيعه
كالتالي:
كلمات في الجمال، في مفهوم
الجمال، في مقوّمات الجمال، في الجمالية والجمال، المعايشة الجمالية، الجمال في
الإسلام، الجمال في الفكر الإسلامي الحديث والمعاصر، الجمال فينا وحولنا، في جمالية
الألوان، في معايير الجمال.
الإحساسُ
بالجمال، والميلُ نحوه نزعة فطرية متجذّرة في أعماق النفس البشرية ؛ فالنفس
الإنسانية السويّة تميل إلى الجمال وتشتاق إليه ، وتنفر من القُبْح في شتّى صُوره،
وتنأى عنه بعيدا .
إن الطبيعة الإنسانية تنجذب إلى كل ما هو
جميلٌ ، وقد ورد عن رسول الله
صلّى الله عليه وسلّم :
" إنّ الله جميلٌ يحبّ الجمال ". والإحساس بالجمال والْـولَهِ به،
والاعتناء به، والتجمّل ، واقتناء الشيء الجميل ، سلوكاتٌ قد يقوم بها الإنسان
تلقائيا بفعل الميْل الفطري المتجذّر في أعماق النفس .. ويتضح ذاك حتّى من أعْـتى
المجرمين والقتلة في لحظات صفاء مع النفس .
شاء الله سبحانه وتعالى المبدٍعُ البديعُ ،
الخالق أن يجعل من الجمال في شتّى صوره ـ وما أكثرها !، وما أعْظمها !! ـ مَناطَ رضا وسعادة لدى
الإنسان .
إن استصاغة الجمال حقٌّ مُشاعٌ لكلّ إنسان،
والأكيد أن تذوّقَ الجمال والتنعّمَ بصُوره ، والتمتّعَ بمجالاته اللامتناهية في
حياتنا ، يختلف بين فرْد وآخر، وبين جماعة وأخرى، ومن أمة إلى أخرى، ومن عصْرٍ إلى
آخر ..لكنه اختلافٌ محدودٌ قد يمسّ جانبا من الجوانب، أو عنصرا من العناصر التي
تشكّل القيمة الجمالية، أمّا الجوهر فقيمةٌ ثابتةٌ ارتضتها كلّ النفوس.
كيف نعرّف الجمال ؟ وكيف نحدّد جوهره وأسسَه
الموضوعية ؟ ما هي المعايير التي على ضوءها نحكم على جمالية هذا الشيء وعلى قُبْح
ذاك ؟ فهل الجمال كلّ ما ترتاح إليه عينا الإنسان ؟ ..هل هو كل ما يُعجبنا
ويُفرحنا ، ويشدّنا إليه ، وما يُثير إعجابنا ؟ أم ذاك لا يكفي لتعريف الجمال ،
وتحديد جوهره الحقيقي السَّـامي الذي يقترن بالخير والفضيلة ، بدليل أن السلوك
الإنساني الراقي ننعته ـ بالجميل ـ فنقول عنه : ( عملٌ طيّبٌ ، سلوكٌ فاضل ما شاء
الله !) .
إن موضوعات الجمال التي كرّم الله بها عباده
كثيرة ، وفي الطبيعة أكثرُ ، وأفسحُ ، وأجمل ، وأجْذبُ ؛ حيث يغمرنا الجمال في
عالم النباتات ، والأزهار ، والطيور ، والحيوانات ، والجبال ، وقممها ، وسفوحها ،
وجداول الأنهار، وشلالات المياه المنحدرة، والبحار بمياهها الفيروزية ، وشواطئها
الرائعة، وكثبان الرمال الذهبية المترامية، والنخيل الباسق، وعراجين التمر الناضجة
في فصل الخريف ، ومغيب الشمس .. والجمال في الإنسان، وفي شكله الذي قال الخالـق
عزّ وجلا في شان تكــريمه : ( ولقد كرّمنا ... ) ، وقال أيضا : ( لقد خلقنا ...)
كما نسْعدُ بالجمال ونحن نتذوّقه في سماء
الليل الصافية ، وفي النجوم المتلألئة، والقمر وهو يغمر الكون بضيائه .. نتذوّق
الجمال في الغيمة ، في قطرات المطر الفضّية ، في قوس قُزحٍ ، في الضباب يدثّر ما
حولنا بغُلالة شفّافة تُـنعشنا ، الجمال نتذوّقه في عيون الضباء ، في ابتسامات
الأطفال .
نتذوّق الجمال في الإنسان العامل وقد أخلص
وأجاد ، في الصانع وقد أبدع وأتقن ، في الفلاح وقد جعل الأرض تُعطي بسخاء ، في
الموظف وقد أدّى واجبه باشًّا في وجوه العباد المتردّدين عليه ، كاملا غير ساخط عليهم
( ومشنّف ) على الكون ومخلوقات الله . نتذوّق الجمال لدى البائع وقد أحْـسن عرْض
بضاعته ، واستقبل الزبون باشًّا، رحيما في تسْعيرة بضاعته ، في ... في ... لدى ...
ولدى ...
إن المجتمع الذي يُعنى بالجمال وبالفنون
والآداب هو مجتمعٌ محصّنٌ بإمكانه أن يحافظ على توازنه السوسيولوجي، والسيكولوجي
ويضمن ترابطه الروحي ونسيجه الاجتماعي، ويسمو بأفراده إلى مراتبَ تساعدهم على
الوئام مع محيطهم، والحرص على تحسين واقعهم .. هو مجتمعٌ يرتفع بأفراده فوق مستوى
الحياة العادية ، ويمنحهم خبرات إيجابية مستمرّة تتفاعل بمرور الأيام لتشكّل قيما
إنسانية راقية، مجتمع يشحن أفراده بطاقات إيمانية روحية يسمَوْن بها فوق روتين
الحياة اليومي، فيحقّقون ذواتهم أفرادا ومجتمعا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق