الأربعاء، 6 مارس 2013

يوم العربية

يوم العربية
في حديث للرسول صلى الله عليه وسلم فيما معناه أنه قال ” أحب العربية لثلاث، أنا عربي، والقرآن عربي ولسان أهل الجنّة عربي”، والسؤال المطروح هل مازال ينظر إلى العربية بهذه القداسة وبهذه المنزلة الكريمة التي وضعها فيها الرسول صلى الله عليه وسلم؟
العربية في الجزائر كانت لها من القداسة في نفوس الجزائريين وسلوكاتهم أيام الاستعمار الفرنسي، ما لم يكن لها في ماضيها البعيد ولا في حاضرها الآني، فرغم محاربة الاحتلال للغة العربية بكل شراسة حتى يقطع بين الجزائريين رابط الصلة بينهم وبين ماضيهم الحضاري وتاريخهم الثقافي المشرق، الذي عبروا به البحر وعلموا الغربيين من خلال الجامعات التي أسسوها في الأندلس والمدارس العلمية كالطب، الهندسة، الفلك، الزراعة، الرياضيات، كالتشريح والجراحة، ونقلوا إليهم الفلسفة اليونانية بعد تمحيصها وتصحيحها ونقدها ليكونوا بذلك أساتذة في الفكر والعلم والحضارة والتمدن، حاول الاستعمار إلغاء كل هذه الإنجازات العلمية والحضارية ويختزلها في فلكلور ليعطي صورة سيئة عن الحضارة الإسلامية ويحط من قيمة اللغة العربية حتى عمل على استبدالها باللهجات الدارجة في المدارس، الجزائريون رغم هذه الحرب الشرسة على لغتهم ودينهم وحضاراتهم من قبل الاحتلال، إلا أنهم لم يلقوا بأقلامهم وأوراقهم وواصلوا المسيرة رغم الحصار والتنكيل والمضايقات وعملية التجهيل المبنية على استراتيجيات وضعها مفكروهم وكبار قادة عساكرهم، واستمروا ينافحون على لغتهم، لأنها الخط الذي يفصل بين خصائصهم ومقوماتهم وهويتهم وثقافتهم والاستعمار الاستيطاني، الذي عمل بعد احتلال الأوطان على احتلال الأذهان وإجراء عملية استنساخ يحول من خلالها الإنسان الجزائري إلى مجرد آلة إنتاج في مزارعه ومصانعه، حتى أنّه منع الجزائريين الذين حالفهم الحظ وتعلموا لغته ونالوا نصيبا من العلم، أن يتعلموا علوما حديثة أخرى، وتم حصرهم في اختصاصات محددة لا يجوز لهم تجاوزها.
العربية رغم ما لحقها من عسف وهوان، إلا أنها احتلت عند الجزائريين ذلك الحب الذي أعلنه الرسول صلى الله عليه وسلم لها، فكان الجزائري في عهد الاستعمار إذا مر وعثر في طريقه على قطعة جريدة أو ورقة عليها فقط حروف عربية، وضعها فوق جبينه وقبلها ثم يضعها في شق جدار أو يقوم بحرقها حتى لا تداس بالأقدام.
وها نحن اليوم بالجزائر التي تحتفي بعيد استقلالها الخمسين، وخاضت بكل بسالة ثورة تحرير ثقافية من أجل إعادة للغة العربية السيادة التي افتقدتها إبان الاستعمار.
فيوم العربية بالنسبة لنا والذي نحتفل به اليوم، هو يوم تحرير واستقلال  وسيادة رغم بعض المضايقات التي ما تزال تتعرض لها لغتنا، رغم أنها بإقرار دستورنا اللغة الرسمية، والسؤال الذي يبقى مطروحا متى تتحول لغتنا إلى لغة تعامل واقتصاد وسياسة وتحتل مكانتها كلغة سيّدة؟ السؤال سيبقى مطروحا إلى يوم آخر من أيام الاحتفاء باللغة العربية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...