الأحد، 10 مارس 2013

الثورة بين الصناعة والصنيع


الثورة بين الصناعة والصنيع
إن نظرة واقعية متفحصة للواقع تثبت وتؤكد التراجع المخيف لقيم الإنسان العربي والإسلامي برغم الثورات التي يحدثها هنا وهناك ومهما غيّر بها النظام إلا أن الفئات الحاملة لهذا التغيير ومهما استطاعت أن تسقط الأنظمة وتكسر شوكتها إلا أنها لا تعدو على أن تكون نسخة من بعض نسخ أوراق كانت في كراسة الديكتاتور العربي والإسلامي لأن في الغالب مجمل هذه الفئات لم تكن تتأذى بل كانت تحافظ لنفسها على بعض امتيازات هذا النظام وما انتقالها إلى الضفة الأخرى إلا استراتيجية لتجد حلولا مؤقتة لنفسها لطبيعة المرض الذي يسكن نفسها.
إنها المنفعة المتوحشة التي لا تعترف بمصالح الآخرين وحقوقهم وهي قابلة للتأقلم مع كل وضع، لم تكن لتتحرك لو لم تحركها طبقة تأذت إلى درجة وصل السكين إلى عظمها بعدما مزق جسدها وجعل حدة الألم لا تطاق؛ وبتعبير أكثر دقة يجب تغيير المغيّر حتى لا يكون هذا التغيير نفعه مقرونا على فئة دون أخرى فيحدث بذلك استبداد أكثر سوداوية من الاستبداد ذاته. الواقع اليوم هو أن كل هذا الربيع العربي الذي نتحدث عنه بتفاؤل قل نظيره إلا أن العقل لا زال يراوح مكانه برغم بعض الاجتهادات هنا وهناك تريد التنظير لهذه الثورات التي جاءت فجائية كإعصار دون سابق إنذار.
هذه الشعوب لم تحركها فئة النخبة المتعلمة والمثقفة والمصلحة، بمعنى آخر الداعين للتغيير بطرق سلمية وثقافية وعلمية وبإلحاح كبير على الأخذ بالعقل التنويري غابوا تماما عن الساحة إلا بعدما قطعت هذه الشعوب أشواطا كبيرة وصارت هي التي تُحمل وتقود النخبة إلى ساحات التغيير.نعود إلى تاريخ الواقع الذي ظلـّل العقل ولا زال يجعله يعيش في ثبات وجمود، انطلاقا من هذا الواقع قامت هذه الثورات التي لم تول اعتبارا لكل المبادئ فقبلت برهانات خطيرة ورهنت العقل من جديد بإخضاعه لإملاءات خارجية، أو لقوى استعمارية لابسة لباس الحرية والديمقراطية ومنطق المصلحة، هذا لا يعني أن كل الثورات على وتيرة واحدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...