الخميس، 28 مارس 2013

المعايير المهنية والأخلاقية وحرية الإعلام


المعايير المهنية والأخلاقية وحرية الإعلام
     اختلف المشاركون في ندوة 'تحديد المعايير المهنية والأخلاقية وإدارة الإعلام في زمن التغيير' بين مؤيد لأهمية اعتماد معايير أخلاقية تحكم العمل الإعلامي ورافض لتلك التسمية نظير اعتماد المعايير المهنية بديلا أنسب، من بين العناصر التي طرحتها مساء السبت الندوة التي ينظمها مركز الجزيرة الإعلامي للتدريب والتطوير في العاصمة القطرية الدوحة في إطار الفعاليات التمهيدية لمنتدى الجزيرة السابع.
       فمن جهته رأى مستشار إدارة ضبط الجودة والمعايير التحريرية في شبكة الجزيرة فوزي بشرى أن الإعلام العربي نشأ أساسا في كنف السلطة، والأخيرة هي التي تتولى تنظيمه، لهذا 'كان طبيعيا أن يحب ذلك الإعلام ما تحب السلطة وأن يكره ما تكره'، لكن تغير كل ذلك مع ثورات الربيع العربي حين 'وقع الانفصال' وأصبح الإعلام ناقدا للسلطة بعد أن كان ناطقا باسمها.
      وأشار بشرى إلى أن الإعلام الحر نتاج طبيعي لبيئة سياسية حرة، وهو بهذه الحالة يكون تعبيرا عن طموحات وآمال الشعوب وما يربتط بها من قضايا، مؤكدا أن القيم الأخلاقية مسألة مهمة في العمل الإعلامي وإن كانت محل جدال أو خلاف، مثل قيمة الموضوعية، وقيم النزاهة والتوازن، حيث لا يمكن لمثل تلك القيم أن تنشأ إلا في بيئة ديمقراطية.
      أما المحاضر في قسم الإعلام في جامعة قطر، د. نور الدين ميلاد، فقال إن هناك صفحات تاريخية طويت وأخرى فتحت في دول الربيع العربي، فقد تغير جدا ما كان يسمى سابقا إعلام دولة.
     وضرب ميلاد مثلا على ذلك بالحالة التونسية التي فجرت فيها الثورة الطاقات عند الشباب وعند الصحفيين على حد سواء، لكنه قال رغم ذلك إن الإعلام التونسي لا يزال يتخبط بشكل كبير 'كأنه فاقد البوصلة'، مؤكدا على أهمية صناعة ميثاق شرف صحفي تتفق عليه كل أطياف المجتمع بحيث يكون شأنا موطنيا بالكامل لأنه يلامس كل الناس، على حد تعبيره.

بين الأمس واليوم
بدوره عاد المدير العام في أكاديمية فرنسا 24، أنطوان كورمري، في الزمن إلى ما قبل عشرين أو ثلاثين عاما في فرنسا حين كانت هناك وزارة للإعلام تتصل بالمذيع لتخبره أنها غير راضية عن خبر أذاعه، حسب قوله، مؤكدا أن مثل هذا الأمر قد ولى.
      وأثنى كورمري على كلام بشرى من حيث أهمية وجود معايير وقواعد تمنع الصحفيين من ارتكاب الأخطاء، وقال إن التدريب والمهارات يجب أن يرافقهما 'التدريب الأخلاقي'، فلا يمكن أن نكذب على الجمهور وندعي النزاهة والتوازن، فالسيطرة على الإعلام لم تمنع وقوع الثورات لأن الناس أصبحت على اطلاع من خلال وسائل الإعلام البديلة.
       وشدد على أن 'السمعة' هي أهم ما يجب أن تتمسك به وسائل الإعلام والصحفيون، ولا بد من حمايتها عبر النزاهة قدر المستطاع.

مهنية أم أخلاق
لكن المدير العام لمركز الدوحة لحرية الإعلام جان كولن أبدى عدم ارتياحه لاستخدام كلمة 'أخلاق' في وصف معايير العمل الصحفي، وقال 'لا يعجبني استخدام كلمة أخلاق لأن هذا يعني أننا نتحدث عن الخير والشر وعن الجميل والقبيح'، معتبرا أنه من الأفضل استخدام كلمة المهنية.
       وقال إن الصحفي لا يكذب ويسعى للوصول إلى الحقيقة ولا يتحيز، وكل هذه الأمور هي من معايير المهنية، معبرا عن اعتقاده بأنه لا يوجد اختلاف كبير في الصحافة الجيدة، 'فمبادئ الصحافة الجيدة هي نفسها في كل مكان'، فلا يوجد ما يسمى إعلاما عربيا أو إعلاما غربيا بل هناك إعلام جيد وآخر سيئ، على حد تعبيره.
      وتساءل أحد الحضور عن كيفية خلق ثقافة يدخل فيها احترام القيم المهنية والأخلاقية، وردا على ذلك قال فوزي بشرى إن وسائل الإعلام تقدم سلعة، وهي المادة الخبرية، وهذه السلعة لا بد أن تتميز بجودتها وهي هنا 'المحتوى'، إلى جانب جمالية الصورة والمحتوى يجب أن يعكس قيما أخلاقية.
       واعتبر كورمري أن المسائل الأخلاقية هي طريقة تفكير، وضرب مثالا بذلك مركز الجزيرة للتدريب الذي تمتلئ ممراته بعبارات قصيرة تمثل قيم ومعايير العمل المهني في الجزيرة والتي تترسخ بمرور الوقت في ذهن كل صحفي في الشبكة عندما يمر عليها.
      وردا على سؤال آخر بشأن تدريس المعايير الأخلاقية الإعلامية في مناهج التعليم، قال بشرى إن تدريس تلك المعايير لا يمكن أن ينتج إعلاما جيدا ما لم يكن سيخرج إلى بيئة سياسية صحية، لكن كولن ناقض رأيه عندما اعتبر أنه من الضرورة بمكان في هذه المرحلة الانتقالية التي تعيشها شعوب الربيع العربي أن يتم تثقيف جيل الطلاب بمعايير الإعلامي المهنية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...