الثلاثاء، 5 مارس 2013

الثقافة العربية..تعزّي نفسها!!

 الثقافة العربية..تعزّي نفسها!!
بقلم: بشير خلففقدت الساحة الثقافية العربية علميْن من أعلامها البارزين: الأول في 11 مارس الماضي 2010 وهو المفكر والفيلسوف المصري، بل العربي الإسلامي الدكتور فؤاد زكريا عن سنٍّ الثلاثة والثمانين عامًا، والثاني المفكر والفيلسوف المغربي، بل العربي الإسلامي محمد عابد الجابري في 03 ماي 2005 عن سنٍّ ناهزت الخمسة والسبعين عامًا.
فيلسوف التفكير العلمي والتحديث الحضاري
فالأول أي فؤاد زكريا أكاديمي وأستاذ جامعي متخصص في فلسفة المعرفة، إذْ يُعـدّ واحدا من أبرز المفكرين والفلاسفة في العالم العربي، وقد خاض مجالات فكرية عديدة، ومعارك كثيرة مع خصومه، بحيث كانت ومازالت أفكاره، وآراؤه بمثابة الكشاف الذي يضيء الطريق للكثير من قرائه وتلاميذه..هذه الأفكار والآراء التي لا نوافقه في البعض منها، ولكنها تركت بصماتها في جسد الثقافة العربية.
إيمانه المطلق بالعقل كان أهمّ المفاتيح الدالّة على شخصيته، والمفتاح الآخر هو يقينه الرابع بالديمقراطية التي أصرّ بأنها ضرورة حياتية، من دونها يسقط الإنسان تحت نير القمع والاستعباد.
وبسبب هاتيْن القناعتيْن دخل الراحل في معارك عديدة، وأغضب بكتاباته التي تميّزت بحسٍّ نقديٍّ رفيع مغايرٍ لِـما اعتاده منْ تربّوْا في أجواء شمولية..أغْضب دعّاة الإسلام السياسي لَـمَّا رفع في مواجهة شعارهم " الإسلام هو الحلّ " شعارَه " العلمانية هي الحلّ " وكذا حين هاجم بقوّة ادّعاءاتهم عن الغزو الفكري واصفًا إياه بالخرافة التي يتستّر خلْفها منْ يريدون للأمة أن تظلّ على حالها من التراجع والنكوص، ويُلقوا بتبعات فشلهم، ونزعاتهم الاستبدادية على مؤثرات خارجية، متسربلين بثوب الضحية، مع أنهم أصل البلاء والداء، حيث كشف مبكرًا عن خطر التأسلم المغرض والشكلي، المعادي للتطور والتحديث، والذي صار فيما بعد غولاً رهيبًا عاث في الأرض فسادا، وأهلك الحرث والنسل، مستندا إلى تفسيرات خاطئة ومغرضة للدين الإسلامي .(1)

كان يعتقد أن الغزو الثقافي الغربي خرافة لا وجود لها، وبادر أكثر من مرة بإبداء معاداته للمنهج السلفي، ساخراً من الاتجاهات الإسلامية المعاصرة الملتزمة بهذا المنهج، ومدعياً أنها بالتزامها به تُركز على التمسك بشكل الإسلام من دون مضمونه، ما دفع البعض إلى اتهامه بالإلحاد.
«إن الغزو الثقافي الغربي خرافة لا وجود لها»، و«العلمانية هي الحل»، و«المعرفة العلمية من ضرورات الثقافة والحضارة لدى كل شعب»(2).. عبارات كثيرة أطلقها الدكتور فؤاد زكريا، كانت تشكل منطلقه الفلسفي النقدي الذي قــدّم من خلاله العديد من الأعمال الفلسفية والفكرية المؤلفة، والمترجمة بالإضافة إلى مقالات ودراسات في الصحف، والمجلات تتصل بمشاكل فكرية واجتماعية، فضلا عن نقْـد السائد في الفكر العربي والواقع المحلّي.
ولعلّ السؤال الذي طرحه الدكتور فؤاد زكريا من خلال رحلته المعرفية البحثية، ومعاركه العديدة في اتجاهات مختلفة، ومن خلال كتاباته الكثيرة، ومؤلفاته مثل:" التفكير العلمي " ، " الإنسان والحضارة "،" التفكير العلمي" و " مشكلات الفكر والثقافة "، " العقل والثورة "، " خطابٌ إلى العقل العربي "، وغيرها من مؤلفاته ..فحْوى السؤال: كيف نفكر بطريقة صحيحة؟

ففي كتابه " التفكير العلمي " يجيب على السؤال إجابة تنمّ عن رؤية معمّقة لواقع الإنسان العربي، بقوله:
«… أمّا التفكير العلمي الذي نقصده فلا ينصبّ على مشكلة متخصّصة بعينها،أو حتى على مجموعة المشكلات المحدّدة التي يعالجها العلماء، ولا يُفترض معرفة بلغة علمية،أو رموز رياضية خاصة، ولا يقتضي أن يكون ذهن المرْء محتشدا بالمعلومات العلمية، أو مدرّبًا على البحث المؤدي إلى حلّ مشكلات العالم الطبيعي، أو الإنساني؛ بل إن ما نودّ التحدث عنه إنما هو ذلك النوع من التفكير المنظّم الذي يمكن أن نستخدمه في شؤون حياتنا اليومية، أو في النشاط الذي نبذله حين نمارس أعمالنا المهنية المعتادة، أو في علاقاتنا مع الناس، ومع العالم المحيط بنا.وكل ما يُشترط في هذا التفكير أن يكون منظّمًا وأن يُبنى على مجموعة من المبادئ التي نطبقها في كل لحظة دون أن نشعر بها شعورا واعيًا »(3)

لم يكن المفكر الدكتور فؤاد زكريا، مجرد أستاذ للفلسفة عاش ومات، فبقدر ما قضى عمره (83 عاما) مهموما بقضية الحرية، وإعمال العقل، بقي سؤاله الذي واجهنا به في شجاعة نادرة: لماذا تخلفنا؟ معلَّقا في أعناقنا، وإما أن نتخذ إجابته عن السؤال طريقا لنا، بإعمال سلطة العقل في شؤون حياتنا، أو أن نبقى «ضيوفا على العالم».
وفي آخر حديث له قبل وفاته بأسابيع قليلة خصّ به صحيفة «الشرق الأوسط»، شدد الراحل الدكتور فؤاد زكريا على أن أهمّ مشكلة مزمنة يعانيها العقل العربي والثقافة العربية الآن.. هي مشكلة الحرية، مطالبا بترك كامل الحرية للكتّاب والمفكرين في أن يقولوا ما يعتقدونه، وما يريدونه من دون قيود مفروضة عليهم من أي نوع ومن دون فرض تحريمات، أو قيود عليهم في أهم الميادين التي يرتادونها، أو المجالات المعرفية والفكرية التي يعالجونها ويدرسونها، وجميع المجالات المطروقة للدراسة والتفكير. وفسر زكريا مشكلة العقل العربي، قائلا:
« إن التحليل الدقيق لمشكلة العقل العربي يؤكد استمرار أو سيادة نمط واحد محدد من أنماط التفكير أو شيوع التفكير اللاعقلاني وغياب المنطق وحضور الخرافة»، وأضاف: «كل هذا يؤدي في النهاية إلى تكريس وتثبيت الأوضاع الصعبة التي تعانيها الشعوب العربية. وبقاء هذه الأوضاع حتى الآن يعني أن التفكير العلمي السليم ما زال بعيدا عن التغلغل في أذهان الناس وحياتهم العامة على المستويات والطبقات كافة».
وأوضح زكريا أن «العقول لا تتغير من فراغ، فلا معنى لدعوة تغيير طرق التفكير عند الناس أولا، ثم بعد ذلك تغيير الظروف والأوضاع، لأن الدعوة بهذا الشكل دعوة معكوسة، فالعقول لا يعاد تشكيلها بقرار فوقي أو خطة طويلة المدى، العقول لا تبدأ التغير إلا بعد أن تتغير الأوضاع من حولها».. وتابع: «ما زال لدينا أناس يدافعون ويروجون للشعوذة والسحر والدجل إلى يومنا هذا، ومنهم من يؤمنون بهذا، وهم حاصلون على مستويات تعليمية عليا، وكل هذا نتيجة إحساس الإنسان بالعجز عن مواجهة أزماته ومشكلاته التي يواجهها».(4)
عمل فؤاد زكريا أستاذاً ورئيساً لقسم الفلسفة في جامعة عين شمس حتى 1974 وانتقل في العام نفسه إلى الكويت ليعمل رئيساً لقسم الفلسفة في جامعتها حتى 1991. ترأس تحرير مجلتي «الفكر المعاصر» و«تراث الإنسانية»، وعمل مستشاراً لشؤون الثقافة والعلوم الإنسانية في اللجنة الوطنية لليونسكو في القاهرة، وتولى منصب مستشار التحرير لسلسلة «عالم المعرفة» الكويتية.

له العديد من المؤلفات العلمية والفكرية ما يربو عن 22 عملاً مطبوعا ومنشورا بين التأليف والترجمة ، منها:
1 – نيتشة 2 – نظرية المعرفة والموقف الطبيعي للإنسان 3 – الإنسان والحضارة 4 – التعبير الموسيقي 5 – مشكلات الفكر والثقافة 6 – دراسة لجمهورية أفلاطون 7 – آراء نقدية في مشكلات الفكر والثقافة(5)
هرمٌ فكريٌّ وفلسفيٌّ..صاحب مشروع حضاري 
والثاني برحيله أي المفكر المغربي"محمد عابد الجابري"، يرحمه الله، فقدت الأمة ابنا مبدعا، بارّا، أثرى حياتها الفكرية لأكثر من أربعة عقود أستاذا وباحثا ومفكرا وفيلسوفا، وبالطبع هذا الرأي تقول به نخبة واسعة على امتداد العالم الإسلامي وكثير من الناس، بمختلف الملل والنحل…(6)

أحدث رحيل المفكر والفيلسوف المغربي هزة قوية في الأوساط الثقافية العربية، واعتُبر خسارة كبرى للأمة العربية وللعقل العربي على وجه الخصوص، فقد كان الفقيد من القلائل الذين وضعوا العقل والفكر العربيين على مشرحة النقد، وأخضعوه لمشرط الجراحة، بحثا عن مكمن الداء، والتماسا لعلاج ملموس الأثر.. ولكن، من هو محمد عابد الجابري، الذي أسال الكثير من الحبر بين مثقفي مختلف التخصصات؟..
يُـعتبر الراحل أحد كبار مجددي الفكر العربي من خلال دراساته، وكتبه التي فاقت الثلاثين مؤلفا، كما أن أطروحاته، وأفكاره شكلت جدلا داخل الوطن العربي؛ وهكذا ساهم الجابري من خلال سجالاته التي دارت مع مفكرين بارزين من أمثال حسن حنفي وجورج طرابيشي وطه عبد الرحمن… في إغناء الحوار الثقافي والسؤال النقدي داخل الوسط الأكاديمي العربي.

سعى الجابري إلى تحقيق الحداثة من خلال التراث لا من خارجه، مرتكزا في ذلك على قراءة واعية للتجارب العربية المعاصرة في قراءتها للتراث من خلال نظرته لتاريخ النهضة العربية، فقد ذكر في حوار أجراه معه المفكر عبد الإله بلقزيز في مجلة "المستقبل العربي" العدد (278)، أن:
« هناك ثلاثة تيارات معروفة، هي: 1 ـ التيار السلفي 2 ـ التيار الليبرالي 3 ـ التيار التوفيقي أو التلفيقي، وأن تجربة مئة سنة قد أسفرت عن جمود الحركة في هذه التيارات، فلا أحد منها تطور وحقق أهدافه، بل كل ما حدث هو اجترار وعود على بدء مستمر.. لقد استـنتجتُ من ذلك كله، تلك القضية الأساس التي أدافع عنها وهي أن: التجديد لا يمكن أن يتم إلا من داخل تراثنا باستدعائه، واسترجاعه استرجاعا معاصرا لنا، وفي الوقت ذاته بالحفاظ على معاصرته لنفسه ولتاريخيته، حتى نتمكن من تجاوزه مع الاحتفاظ به، وهذا هو التجاوز العلمي الجدلي".(7)
الجابري لا يرى الحداثة والتحديث خارج تطوير وتأويل المعارف التراثية، ويتحدث عن تدشين عصر تدوين جديد ليكون بديلا لعصر التدوين القديم. وقد كرس مؤلفاته في(نقد العقل العربي) لنقد العقل النظري والعملي، والتفكير في العقل نقديا باعتباره جهازا للتفكير، وموجها للرؤية ومتحكما في أصول التدليل والاعتبار، ومقاربة الإشكاليات الأنطلوجية ، والميتافيزيقية، والإبستمولوجية الجوهرية المتعلقة بعقل مخصوص أطلق عليه العقل العربي.(8)
وتمكن الجابري المتسلح بالنقد المعرفي من سبْـر أغوار التراث، والعودة إلى الجذور في إطار نقدي يسمح بإعادة تفكيك، وتركيب التراث بما ينسجم والحالة المعرفية المرتبطة بإشكاليات الفكر العالمي المعاصر.إذْ ثمة قضايا ومشاكل معاصرة تدفع إلى تلك العودة إلى التراث لفهمه ونقده وتأويله لتأسيس خطاب معرفي إسلامي مبني على الكم الهائل من التراث المعرفي والإنساني الذي تركته الحضارة العربية الإسلامية.

الاعتقاد المعرفي السائد لدى الجابري يكمن بأن ثمة قضايا ومشاكل معاصرة تدفع إلى العودة إلى التراث والحفر معرفيا في التراث للمقاربة بين تلك المفاهيم الإسلامية ومثيلتها الغربية، للخروج من حالة السبات التي يشهدها الفكر العربي.إن التراث عموما هو ما تقدم وما سلف، هو الماضي بإنجازاته المختلفة والمتنوعة، وبذلك يكون التراث يحمل في طياته الغث والسمين، السقيم والسليم شريطة انتمائه لهذا الزمن الماضي.
وبناء عليه اختلف الناظرون لهذا التراث، فبالنسبة لمحمد عابد الجابري لا يمكن تحقيق النهضة في نظره إلا بالانتظام في التراث، لكن لا كـ” تراث” نندمج فيه، وندوب في دروبه ومنعرجاته، بل كمكتسبات إنسانية، علمية ومنهجية متجددة ومتطورة، لابد لنا منها في عملية الانتظام الواعي العقلاني النقدي في تراثنا.
إذاً، فالجابري يرفض الانصراف بالكلية إلى التراث، كما يرفض الانسلال عنه بالكلية، فمن جهة أولى يرى أنه: ”من الناحية المبدئية لا يمكن تبني التراث ككل لأنه ينتمي إلى الماضي، ولأن العناصر المقومة للماضي لا توجد كلها في الحاضر، وليس من الضروري أن يكون حضورها في المستقبل هو نفس حضورها في الحاضر”.

ومن هنا فإن الجابري ينتقد فريقين من الناس في تعامله مع التراث: الفريق الأول: يعيش مع التراث كأنه حاضره ومستقبله، وفريق آخر: يدعو إلى الانسلال بالكلية عن التراث والبدء من الصفر، وبالنسبة له كلا الفريقين يحيا على ”وعي مقلوب” أو ”وعي متغرب”: وعي التراثيين المؤسس على ”الاغتراب” الذي يقرأ في التراث العربي كل إيجابيات الحضارة الغربية الحديثة من علوم وتقنيات ومؤسسات سياسية واجتماعية، ووعي الحداثيين المؤسس على ”الاغتراب” الرافض للتراث نتيجة الاستلاب الثقافي الحضاري الذي رسخه فينا الغرب المتقدم والمستعمر. وعند النظر نجد أن الجابري يطرح منهجا جديدا بالنسبة إليه للتعامل مع التراث، وهو: القراءة النقدية العقلانية الاستملاكية للتراث التي هي وحدها من شأنها أن تجيب عن السؤال: ”كيف نتعامل مع تراثنا بموضوعية ومعقولية؟ ”بمعقولية” أي بطريقة تجعله معاصرا لنا كل المعاصرة، وذلك عن طريق ”وصله” بنا. و”بموضوعية” أي بجعله معاصرا لنفسه وبما يقتضي فصله عنا. وإن هذا الأمر لن يتحقق إلا بإجراء ”حوار نقدي” و”حوار عقلاني” مع التراث. وهو حوار يقودنا لا محالة إلى ملاحظة أنه: ”لاشك أن هذا المجموع التراثي عناصر قابلة للحياة والتطوير والرؤى والتصورات تأخذ منه الأمة ما يفيدها في حاضرها أو ما هو قابل لأن يعين على الحركة والتقدم. لابد إذاً من الاختيار، ومعيار الاختيار هو دائما اهتمامات الحاضر والتطلعات المستقبلية”.(9)

الجابري لا يدعو إلى التخلّي عن التراث كتراث، إنما يدعو إلى التخلّي عن الفهم التراثي للتراث،وذلك بالتحرر من الرواسب التراثية في عملية فهمنا للتراث. العديد من المفكرين والمتبعين لفكر الرجل يرون أنّ الأفكار التالية من كتابه " نحن والتراث" مدار مشروعه كله، إذ أورد في كتابه " نحن والتراث ":
« اندماج الذات في التراث شيء، واندماج التراث في الذات شيء آخر. أن يحتوينا التراث شيء، وأن نحتوي التراث شيء آخر…إن القطيعة التي ندعو إليها ليست القطيعة مع التراث، بل القطيعة مع نوع من العلاقة مع التراث، القطيعة التي تحولنا من ((كائنات تراثية)) إلى كائنات لها تراث، أي إلى شخصيات يشكل التراث أحد مقوماتها، المقوّم الجامع بينها في شخصية أعمّ، هي شخصية الأمة صاحبة التراث.» (10)
الجابري الذي عاش الفكر والسياسة، ودرس التراث والحداثة، قرأ الماضي لينهض بالحاضر، وحاول تجديد وعي العرب بتراثهم وهويتهم، وحاضر أمرهم ومستقبل حياتهم، فكان بحق مفكراً عربياً قادراً على كل هذا، فنجح وأخفق، وأثار جدلاً طويلاً لم ينته بعد، فما زالت أفكاره – رحمه الله - وليدة لحظتنا الراهنة، وما زلنا نبحث عن إجابات عن تلك الأسئلة.

وللجابري مؤلفات عديدة تزيد عن العشرين، تناول فيها نقْـد العقل العربي، وقضايا التراث والديمقراطية، والدولة الوطنية والهوية..منها :
1 - "قراءات معاصرة في تراثنا الفلسفي" 2 - "العصبية والدولة: معالم نظرية خلدونية فى التاريخ العربي الإسلامي" 3 - "مدخل إلى فلسفة العلوم" 4- معرفة القرآن الكريم أو التفسير الواضح لأسباب النزول" في ثلاثة أجزاء 5 - "إشكاليات الفكر العربي المعاصر" 6 - "الديمقراطية وحقوق الإنسان" 7" - مسألة الهوية: العروبة والإسلام والغرب" 8"- المثقفون في الحضارة العربية: محنة ابن حنبل ونكبة ابن رشد" 9"- الدين والدولة وتطبيق الشريعة"10- "المشروع النهضوي العربي: مراجعة نقدية"، وغيرها
غير أن أشهر مؤلفاته هو " نقد العقل العربي" الصادر في ثلاثة أجزاء هي " تكوين العقل العربي" و"بنية العقل العربي" و"العقل السياسي العربي".

تقارب في الرؤى والأفكار:
فإذا كان المفكر الراحل فؤاد زكريا رأى أن " العلمانية هي الحل "، فالجابري رأى أنه من الضروري استبعاد ‏شعار" العلمانية " من قاموس الفكر العربي، وتعويضه بشعاري الديمقراطية والعقلانية فهما اللذان يعبران من وجهة نظره عن حاجات المجتمع العربي‏,‏ فالعلمانية بمعني فصْل الدين عن الدولة غير ذات موضوع في الإسلام لأنه ليس فيه سلطة دينية كما هو الحال في الكنيسة، فالجابري فيما يخصّ شكل الدولة الإسلامية يُوعزها لاجتهاد المسلمين يتصرفون فيها حسب ما تمليه المنفعة والمصلحة، وحسب مقاييس كل عصر‏,‏ لذلك لم يكفّ الراحل أبدا عن الدعوة لإقامة الديمقراطية وبناء دولة المؤسسات..في هذه النقطة المفصلية يلتقي مع المفكر الراحل فؤاد زكريا الذي يؤمن ويصرّ على أن الديمقراطية ضرورة حياتية من دونها يسقط الإنسان تحت نير القمع والاستعباد، كما يلتقي معه في أن لا ديمقراطية بدون حريّة، وأن لا قيمة لهما إلاّ بعقلانية ترتكز على العلم والمعرفة.
المفكران الراحلان فؤاد زكريا، ومحمد عابد الجابري كانت دعوتهما خلال ما ينيف عن الأربعة عقود إلى تأسيس مشروع يتلاقى فيه ما هو فكري، مع ما هو فلسفي لوضْع صيغة عربية تضع العرب والعقل العربي في واجهة المجتمعات المتقدمة التي لا تجترّ الماضي بقـدْر ما تصنع الحاضر والمستقبل. 

هوامش
(1) ـ فؤاد زكرياء، مقاتل من طرازٍ نادرٍ/ ص: 97 المجلة العربية السعودية أفريل 2010 العدد: 400
(2) ـ موقع مجلة المعرفة
(3) ـ د.فؤاد زكرياء/ التفكير العلمي ص: 5 سلسلة عالم المعرفة .الكويت ، الكتاب الثالث. مارس 1978
(4) ـ حمدي سليم / صحيفة الشرق الأوسط 15 مارس 2010 العدد 11430
(5) ـ المجلة العربية السعودية/ مرجع سابق.
(6) ـ عمر بن قفة/ يومية الشروق ليوم الخميس 13/05/2010
(7) ـ عمر بن قفة / المرجع السابق
(8) ـ جهاد المحيسن/ الجابري " المفكر الإشكالي " صحيفة الغد الأردنية .الخميس 06/05/2010
(9) ـ رشيد لخضر/ التراث والرؤية التجزيئية والتكاملية.. عابد الجابري وطه عبد الرحمن نموذجا.يومية الحوار الجزائرية ليوم:29/04/2010
(10) ـ د.محمد عابد الجابري/نحن والتراث ص:21 ط6 1993 المركز الثقافي العربي.بيروت 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  لن تكون أية لغة "صعبة" بعد الآن بفضل هذا الاختراع الياباني الذكي كتب: بشير خلف        يُعدّ التحدث بلغة أجنبية مهارة مطلوبة ...