الثلاثاء، 26 فبراير 2013

الغوط السوفي ضمْن الموروثات الثقافية العالمية

الغوط  السوفي ضمْن الموروثات الثقافية العالمية
بشير خلف
      ضمّت" الفاو" منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة أخيرا "الغوط  السوفي" رسميا للموروثات الثقافية العالمية لما يمثله هذا الموروث من أهمية تاريخية، واقتصادية، واجتماعية، وبصمة هُويّة متميزة ومتفردة لمنطقة وادي سُوفْ.
        ويستجيب هذا الضمّ لمطالب كثيرة تقدمت بها جمعية الحفاظ على " الغوط" بالولاية، وكذا ضمن الأهداف المسطرة من قبل السلطات المحلية بالولاية سيّما أعضاء المجلس الشعبي الولائي.
       وبعد متابعات طويلة من قبل منظمة" الفاو" لنظام الغوط في عدة دول عربية، وقع الاختيار على "الغوط السوفي" ليندرج ضمن الممتلكات الفلاحية، والاجتماعية والثقافية العالمية، وله الحق في الاستفادة من الدعم المادي لحمايته، والحفاظ عليه، والعمل الجاد على توسيع مساحاته، وعدم المساس به.
     وتعتبر منطقة وادي سوف الواقعة بالجنوب الشرقي للجزائر على بعد حوالي 650 كلم عن مدينة الجزائر العاصمة الوحيدة التي تملك هذا النظام الزراعي بإفريقيا، إذ هو مكسب ثمين جدا للجزائر، ومورد اقتصادي كبير تعتاش منه آلاف العائلات، وينتج آلاف الأطنان من أنواع التمور الجيدة وبخاصة " دقلة نور" المشهورة عالميا.
 مفهوم الغوط
        يمثل الغوط مظهرا فلاحيا فريدا من نوعه على مستوى العالم ، فالغوط لمن لا  يعرف هو منخفض واسع في أرض رملية يصل انخفاضه لأكثر من 10 أمتار تزرع فيه النخيل وبعض الزراعات البينية( بين نخلة وأخرى)، تم إنشاؤه قديما من قبل فلاحي المنطقة الذين اعتمدوا فلسفة مغايرة لسقي النخيل، فعوضا عن رفع المياه لمستوى المزروعات،تم إنزال النخيل لمستوى الماء(مسافة قريبة من الطبقة السطحية من 1 إلى 1.5 متر)، هذه الطريقة تعتبر إبداعا شبهه بعض من زار المنطقة قديما وحديثا بما قام به الفراعنة،فهؤلاء بنوا أهرامات إلى الأعلى و الفرد السوفي حفرها إلى الأسفل.
 
عبقرية أهل المنطقة
        وبذكاء أهل سوف استغلوا هذه المنخفضات لغراسة النخيل نظرا لقربها من المياه الجوفية فتصبح النخلة تمتص الماء من الطبقة الجوفية دون أن يسقيها الفلاح، وقد عرفت هذه العملية في المنطقة بطريقة (البعْــلي) فيمكن لأي مواطن بمنطقة وادي سوف قديما أن يغرس النخيل بالغيطان، ويسافر إلى عمله بمنطقة أخرى بعيدة، فنخيله لا يحتاج إلى سقي، ويعود إليه في فصل الربيع لتأبيره (تلقيحه)وفي فصل الخريف لجني غلته.
        تــتم عملية إبداع" الغوط "عن طريق رفع الرمل على الظهر بالقفة، أو عن طريق الحمير والبغال، وهي عملية متعبة ومضنية جدا، لكن الآباء والأجداد بعزمهم وجدهم وحبهم للأرض، وتعمير المنطقة أبدعوا الغيطان التي تعد مفخرة للمنطقة ودليل على الذكاء والتحدي..تشكل واحات جميلة فيها الخير والبركة، وهي التي استقطبت عمران المنطقة.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...