الثلاثاء، 26 فبراير 2013

من مفارقات إعلامنا المكتوب


من مفارقات إعلامنا المكتوب
بقلم : بشير خلفإن دور وسائل الإعلام لا يقل عن دور المؤسسة التربوية في التنشئة الفكرية ،الاجتماعية ، وكذا السلوكية للمجتمع والفرد..ويبدو أن العديد من وسائل إعلامنا المكتوب في الجزائر بعيدة عن هذا المفهوم، ما ترى من هذه الأهداف غير الإثارة، والتهريج، ونشْر أسرار الناس الخصوصية، حتى ولو كانت في إشاعة أخبار الفاحشة..كل ذلك من أجل السبْق التجاري،، ولو على حساب ذمم الناس، وتحاشي ما يرسّخ الفضيلة، وما يثمّن السلوكات الحميدة..
إنه إعلام يعمل على قلْب الحقائق بتمجيد وتعظيم ما هو تافهً وكأنه الحقيقة، وتسفيه، وتسفيف ما هو عظيم ، وإلاّ كيف نفهم هذا الخبر الذي ورد في يومية معروفة عندنا، بل تُعتبر من أهمّ صحفنا اليومية .
.لنقرأ الخبر المعنون:
( الأمير يتعرّض للدغة عقرب)
" تعرّض مطرب الراي الشاب مامي إلى لدغة عقرب في ساقه اليمنى أثناء تواجده في مدينة " سعيدة" مسقط رأسه، حيث كان يرتدي نعْلاً ليُنقل إلى المستشفى لغرض تلقّي العلاج، والفحوصات اللازمة، وقال مقرّبون من الشاب مامي إن الإصابة لم تكن خطيرة، وأنه غادر المستشفى بعد مكوثه فيه ساعتيْن فقط، وتجدر الإشارة إلى أن هذا الأخير مبرمجً لإحياء فعاليات سهرة افتتاح مهرجان تيمقاد الدولي الذي انطلق سهرة أمس "
خبر لم يترك لا الصغيرة ولا الكبيرة من حالة " الأمير" بقي إلاّ أن يعلمنا محرّر الخبر عن درجة ألمه، وهل تناول حقنة أم لا؟ وهل قضى حاجته البشرية ( مع اعتذاري للقارئ)، وكيف قضاها؟ في المستشفى أم قبل، أوبعد.
جامعاتنا هذه الأيام ومذ بداية شهر ماي الماضي حتى إلى أيامنا هذه وطلبتنا شبابًا وكهولاً يناقشون رسائل تخرجهم خاصة ما بعد التدرّج وحتى درجة الدكتوراه في شتّى مناحي المعرفة خلال السنة ..هل عثر، أو يعثر القرّاء في هذه الصحف على خبر، ولو مقتضب يشير لمثل هذا الحصاد العلمي؟ ؟
نشْرُ أخبار الفرح والأمل بدعة في هذه الصحف
أيام جميلة وأفراح بإمكان الصحافة المكتوبة صنعها، والمشاركة فيها ..عائلات كثيرة تفرح لأول مرّة بنجاح بنيها، وبناتها، عائلات عديدة لأول مرّة يتحصل فيها أحد أبنائها، أو أحد بناتها على عملٍ قار، أو منصب إداري يقي أفرادها الحاجة، أو مشاركة العديد من الشباب الناجح في تسيير مؤسسات أنشأوها، ونجحوا فيها، ومحاورتهم في ذلك، ومرافقتهم في جلسات إنسانية راقية يتحدثون فيها عن تجاربهم..مجالات كثيرة بإمكان هذه الصحافة أن تعايشها، وتنقلها إلينا فرحًا مع هذه الأسر، ومع فتْح قلوب هؤلاء الناجحين.
مللْنا من أخبار:
حرق..دمّر..اقتحم..اغتصب..استولى..اختلس..قتل ابنته لأنها لم تجلبْ له عاهرة ..قتل زوجته لأنها عطفت على متسوّل..طعنه بخمسة عشر طعنة بسبب هاتف نقّال..اكتشاف ثعبان طوله متران، ..شاب يقتل جاره بسبب حمار..
صحافة تتسابق وتتنافس على نشْر البشاعة والرداءة
صحافة نشرت وتنشر ثقافة القتل والتدمير، وتفاصيل الجرائم الجنسية..وأخبار السرقة، والزطلة ..ثقافة نتيجة لهفة هذه الصحف على الربح المادي انتشرت كالنار في الهشيم ..مسّت كل ربوع هذا الوطن، وترسّخ لدى الجميع أن المنطقة التي لا تقوم بالحرق، والتحطيم، وشلّ الطرق، والمرافق العامة منطقة تنقصها " الرجلة" أو التي لا تنتشر بها الجرائم، والاعتداءات، وسلْب الناس الأبرياء ما يملكون هي منطقة شبابها جبانٌ ..خوّافٌ.
وبعد هذا نقول إن الإنسان الجزائري خشن السلوك..فضّ الطباع،ونتعجّب حينما لا يجذبه الجمال، ولا يستهويه..كما أنه الإنسان الذي لا يهوى الفنون، وليس له رغبة في الميْل إليها.
.بل لا يتذوّقها البتّة.
نشر في موقع أصوات الشمال بتاريخ : الأربعاء 5 شعبان 1432هـ الموافق لـ : 2011-07-06

التعليقات
قادري عبد الخالق
أكثر  من  جريدة  من  الصحف  التي  تبدو  مستقلة ، بيد أنها لم تخرج من عباءة النظام المستبد و لا يمكنها أن تعيش بدون صدقاته ، تشارك  في  حملات  لإثارة  الفزع بين صفوف الطبقة المتوسطة بأخبار الحوادث والجرائم اليومية . وهدفها  دائما ‬هو  ليّ  عنق الحقيقة  بإقناع  الشعب  بأنه  هو  المنحط ،  لا  نظامه ،  وأن  من  مصلحته البقاء في حضيرة الدولة الأمنية
هناك أخبار وتحقيقات وروبورتاجات يومية عن التهريب عبر الحدود الشرقية والغربية والكميات المحجوزة من الوقود ، فهل قرأت يوما عن التهريب عبر الموانئ والمطارات. وهل تجرؤ الصحافة من الاقتراب منها؟
صحافتنا يا سيدي لا مثيل لها ، فهي تجعل من المجرمين أبطالا قلما يجود الزمان بهم يجب الإقتداء والتبرك بهم . هل تتذكر مسلسل عاشوري عبد الرحمن المدعو طزطوزة الذي اختلس 3200 مليار ؟
الحلقة الأولى ع عبد الرحمن سلم نفسه للشرطة المغربية .
أحلقة الثانية الشرطة المغربية سلمت ع عبد الرحمن للشرطة الجزائرية .
الحلقة الثالثة محاكمة ع عبد الرحمان .
الحلقة الرابعة القاضي يحكم على ع عبد الرحمان بثمانية عشر سنة سجنا.
الحلقة الخامسة ع عبد الرحمن في السجن .
الحلقة السادسة ع عبد الرحمن يسجل لامتحان الباكالوريا
الحلقة السابعة ع عبد الرحمن ينجح في البكالوريا
الحلقة الثامنة الوزير يهنئ ع عبد الرحمان
الحلقة العاشرة ع عبد الرحمان يسجل في كلية الحقوق ويتمنى أن يكون قاضيا.
أما الشاب مامي أرادت الصحافة الجزائرية في القضية الإجرامية التي سجن على خلفيتها أن تجعله بريئا مسكينا مظلوما وكل شيء ملفق ومدبر ضده.
الصحافة التي تخصص يوميا اثنى عشر صفحة للرياضة والباقي للاشهار والحوادث ونادرا ما تجد صفحة للثقافة، ماذا تنتظر منها ؟ لمن هي موجهة أصلا هذه الصحافة ، أليس لمحدودي الثقافة والبدون مستوى ؟
تحياتي الخالصة

عيسى ماروك
لما تفقد الصحيفة مصداقيتها وينحرف خطها الافتتاحي غن الغاية المنشودة ويتنكر الصحفي لدوره ماذا تنتظر ايها المربي المبجل
نسأل الله أن يلهم القائمين على المؤسسات الاعلامية الرشد

ف الزهراء بولعراس
شكرا يا أستاذ بشير على هذا الموضوع الهام وأنبه إلى أنني كتبت قبل سنة موضوعا هنا قفي نفس المعنى بعنوان سحافة الإثارة والتسول لأن بعض الصحف تعمل على إثارة القارئ وتسول نقوده ليس إلا..والأخطر في الأمر هو جهل المتلقي وجعل الإشاعة حقيقة وخبراصادقا لانقاش في صحته
إن صحافتنا تتغذى على الحياة الخاصة للفنانتي والمسئولين والنجوم حتى لوكانت كاذبة فالمهم هونشر البلبلة..وسحب أكبر عددممكن من الأعداد التي لا يقرأ منها سوى عناوينه المثيرة….أما رسالة الصحافة كسلطةرابعة ودورها في التنوير والإعلام فهو أبعد ما يكون عن صحافتنا الموقرة…ويؤسفني أن أؤكد أن أغلب جرائدنا إلا من رحم ربي تبيع كلاما تافها للناس لا يغني ولا يسمن من جوع وهي تشبه المشعوذين الذين يضحكون على المرضى وأصحاب المشاكل…
ليتق الله هؤلاء في بلدهم فإنهم يعيثون أخبارا كاذبة ومغرضة في بلد لازال بعيدا من أن يجعل للصحافة أية سلطة سوى سلطة التدمير …تدمير عقول القراء…وأن أهيب ببعض الصحفيين المحترمين أن يتخلوا عن الكتابة في تلك الصحف التي تحيد عن الأهداف النبيلة للصحافة حتى لا تتمادى تلك الصحف في استغلال أسمائهم في صنع مصداقيتها..
عموما أكررشكري لمسعاك النبيل أستاذ بشير وأهيب بالجميع إلى إثراء هذا الموضوع فإني أعتقد أن السكوت عنه أصبح جريمة
تحياتي لقلمك النبيل أستاذ

حسين عباس
الأستاذ القدير بشير خلف.
أنا معك سيدي الفاضل..لقد أضحت صحفنا تسوق لشيئين لا ثالث لهما..أخبار الرياضة..والفضائح بكل أشكالها..
لكن ماذا لو تغلغلت في عمق الألم الجزائري..وكشفت الغطاء عن الجرح.وعن الخنجر الذي فتحه..؟
هل ستنال نصيبها من الإشهار..؟ هل ستخفف ديونها لدى المطابع..؟ هل ستقل دعاوي صحفييها لدى المحاكم..؟
إن أجبنا على هذه الأسئلة..نكون قد وفقنا إلى معرفة لماذا صارت صحفنا صفراء..
أما مامي..فرغم أنه سجن بسبب الاغتصاب والابتزاز..إلا أنه يبقى أميرا
بين أمراء هذا الزمن الرديء..له حظوة لم يبلغها المرحوم الطاهر وطار..ولا كاتب ياسين..
تحياتي وتقديري..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...