الأربعاء، 27 فبراير 2013

توفير كتاب لكل مواطن


حملة توفير كتاب لكل مواطن في الجنوب(الجزء الثالث)
..الكتاب سلطان المشهد بإحدى ولايات الجنوب

بقلم: بشير خلف
وحتى تكون الصورة واضحة ودقيقة أمام القارئ الكريم فيما يتعلق براهنية الكتاب، ودعْمه ماليا، ونشْره سواء من طرف القطاع الثقافي الرسمي،والمركز الجامعي، أو من طرف الجمعيات الثقافية الفاعلة، وحتى من لدن المثقفين والمبدعين بإمكاناتهم الخاصة، أو في إطار إصدارات مشتركة بينهم ..فإني أقدم بعض المعطيات الإحصائية في إحدى ولايات الجنوب الجزائري.
مديرية الثقافة ..حراكٌ ثقافي لا يهدأ
مديرية الثقافة بهذه الولاية الجنوبية ما بين سنتي 2009 و2010 خصصت 200.000 للقطاع الثقافي بالولاية منها 72000 كتاب جديد من إصدارات وزارة الثقافة ،توزعت بين صنوف المعرفة، وُزّعت على المكتبات العامة، وبعض المؤسسات التعليمية، والباقي على المكتبات البلدية المنجزة حديثًا..وفي هذه السنة 2011 خُصّص للقطاع الثقافي 780.000 كتاب أغلبها كتب علمية جامعية.واقترحت ميزانية لسنة 2012 تغطّي 4000.000 أربعة ملايين كتاب(1)..هذا للقطاع الثقافي وحده دون الحديث عن القطاعات الأخرى، والجمعيات الثقافية، والأفراد.
كما وُزّعت كتُبٌ مقتناة ـ أي مشتراة ـ من المعارض التي تُـنظم تباعا بالولاية مجموعات من الكتب ذات التخصصات المختلفة، وفي صدارتها الكتب العلمية، وُزّعت أيضًا على المكتبات البلدية الحديثة الإنجاز، إذْ كان نصيب كل مكتبة بلدية 2750 كتاب، و200 قرص مضغوط يتضمن مئات الكتب، كي تُضاف هذه الكتب الجديدة إلى آلاف أخرى تحتضنها هذه المكتبات التي تنضاف إليها المكتبة المتنقلة الممنوحة لهذه الولاية على غرار الولايات الأخرى عبْر الوطن..المكتبة المتنقلة تضم 3800 كتاب، ومنذ أن وصلت الولاية وهي تجوب البلديات النائية، وخاصة الحدودية لنشر الكتاب، وتدعيم المقروئية.
دار الثقافة فضاء رحْبٌ آخر..
بدار الثقافة بعاصمة هذه الولاية توجد مكتبة حديثة الإنجاز ، عريقة وجودًا بعاصمة الولاية، تتوفر على كل الشروط المساعدة على المطالعة، وتُسيّر وفق النظام العالمي..تضمّ ما ينيف عن يقارب الـ 20.000 كتاب في كل مناحي المعرفة، سيّما ما يساعد طلبة وطالبات المركز الجامعي القريب من هذه المكتبة..عدد المشتركين كبير ونسبة 90 % منهم جامعيون،والعدد يتزايد من سنة إلى أخرى ممّا اضطرّ مسيري المكتبة إلى تقسيم المشتركين إلى فوجيْن، وحتى إعارة الكتب تخضع لهدا التفويج.
هذه المكتبة تُثرى سنويا بمئات العناوين كل سنة من خلال الميزانية السنوية المرصودة لدار الثقافة من الوزارة الوصيّة،بحيث ما خُصّص للمكتبة أثناء سنة 2010 خمسة وستون مليون سنتيم، وفي هذه السنة 2011أربعون مليون سنتيم؛ أو من هبات المثقفين، والمواطنين والتي أحيانًا تكون في شكْل إهداء مكتبة كاملة.(2)
الكتاب يعرض نفسه
في عاصمة الولاية تتواجد 18 مكتبة تجارية عامرة بشتى أنواع الكتب، ومختلف العناوين والتي كثيرا ما تكون بها آخر الإصدارات، لأن دُور النشر على المستوى الوطني ما تفتأ تُوصِل آخر الإصدارات، وتزود هذه المكتبات بما جدّ عندها، أو بما استوردته..ضفْ إلى ذلك المكتبات التجارية الأخرى المتواجدة في باقي البلديات، ففي مقر بلدية غير بعيدة عن عاصمة الولاية توجد بها سبع مكتبات عامرة بشتى العناوين، ومركز ثقافي به مكتبة معتبرة.
كل مؤسسات التعليم المتوسط والثانوي على غرار ولايات الوطن تتواجد بها مكتبات تضم آلاف العناوين، وتُـــثْـرى باستمرار،دون أن ننسى مكتبة المركز الجامعي الضخمة، وهي المكتبة التي يستفيد منها الطلبة والطالبات عن قرْبٍ ..مكتبة يتزايد عدد الكتب بها سنويا بفضل الميزانية المخصصة لذلك، والتي يشارك الأساتذة، والطلبة في اقتناء عناوينها من خلال المعارض السنوية للكتاب التي تقام داخل المركز الجامعي.
ألا يكفي هذا؟ ..وماذا لو تحدثنا عن مكتبات أخرى عريقة، تطور نفسها باستمرار من حيث تدعيم الكتاب، ومن حيث زيادة مشترياته منها مكتبة زاوية سيدي سالم الرحمانية، ومكتبة الزاوية التجانية القديمة، والحديثة المنجزة ضمن المركز الثقافي الجديد بالزاوية، ومكتبة الزاوية الهبرية.
كل الصحف الوطنية وباللغتيْن تكون منذ الساعة الخامسة صباحا في متناول القارئ بعاصمة الولاية، وما أن تحل الساعة التاسعة حتى تكون هذه الصحف بين يدي القارئ في كل البلديات.
الكتاب يقود الحراك الثقافي
في هذه الولاية الجنوبية الكتاب يتصدر المشهد الثقافي، بل هو السلطان المدلّل ..الكل يهتم بالكتاب، لا نبالغ إنْ قلنا بأن عاصمة الولاية بها عشرون مطبعة لطبع الكتاب، بل لصنعه في مستوى راقٍ.. كل مثقف، أو مبدع، أو أستاذ جامعي زار هذه الولاية لمس، ويلمس هذا بنفسه..
مديرية الثقافة لها برنامجها في طبْع الكتب، تُصدر سنويا كتب: ملتقى الشعر الفصيح، التراث الثقافي،مهرجان الأغنية السوفية، كتب أخرى لمثقفين ومبدعين بحيث هذه الأيام أصدرت 13 عنوانًا لهؤلاء تشجيعا لهم، وحرْصًا على نشْر الكتاب وتوزيعه..كُتبٌ في التاريخ، والنقد الأدبي، والمقال الصحفي، وأدب الأطفال، والشعر، أُقيم حفْل إصدارها بحضور مؤلفيها، وجمهور من المثقفين يوم 18 ماي 2011 .
دار الثقافة تكفلت، وتتكفّل منذ سنوات بإصدار كل ما يتعلق بالموروث الشعبي في شكل دواوين، أو دراسات، فضلاً عن نشْر أعمال أخرى لمثقفين ومبدعين، كما أن هناك جمعيات ثقافية لها إصداراتها السنوية التي تجمع فيها محاضرات الملتقيات، والندوات التي تنظمها، كما أن لها إصدارات أخرى تصبّ في تشجيع المثقفين والمبدعين كرابطة الفكر والإبداع.
إن المركز الجامعي بالولاية يُساير هذا الحراك الثقافي، ويساهم فيه بفعالية من خلال الملتقيات السنوية التي ينظمها العديد من المعاهد سيما معهد الآداب واللغات، معهد العلوم الاقتصادية، معهد العلوم الاجتماعية، معهد الحقوق والعلوم الإدارية..محاضرات هذه الملتقيات تصدر في مجلاّت محكمة تباعًا، تثري بدورها المكتبة الجامعية، وتوزع على المثقفين والكُتّاب.
العديد من مثقفي الولاية ومبدعيها انتهجوا طريقة المبادرة الشخصية، أو التشاركية في طبْع أعمالهم الثقافية والإبداعية، والترويج لها بواسطة البيع بالإمضاء، وكذا من خلال التواصل مع زملاء لهم في ولايات أخرى.
إصدارات تعدّدت بقدْر ما تنوّعت
صدر في هذه الولاية لكُتّاب ومثقفين ينحدرون من هذه الولاية، أغلبهم حاليا مقيمون بها، أو يشتغلون خارجها في ربوع الوطن، أو حتى خارجه:
في الشعر: 42 عملا. في اللغة العربية:10 دراسات. في الأعلام:12 في السيرة. في المسرح: 8 مسرحيات.
في الاجتماع:11 دراسة.في القصة: 15 قصة، أو مجموعة قصصية.في الفن:8 دراسات.في القانون:22 دراسة.في الثقافة:30 دراسة.في التاريخ: 45 دراسة.في التربية:50 دراسة.في الدين:15 دراسة.في التصوف:18 دراسة.(3)
وبعـــد..
إني أتساءل مع غيري من متتبعي المشهد الثقافي بهذه الولاية،وغيرها من ولايات الجنوب، والذين آلمهم الإعلان عن هذه الحملة، والترويج لها إعلاميًّا مهما كانت نيات أصحابها..أتساءل هل ولاية مثل هذه في حاجة إلى تسوّل الكتاب لها ؟ وهل هي محلّ شفقة تستنهض أهل الخير كي يتبرّعوا لها بالكتاب..وهل الولايات الأخرى الجنوبية تفتقر إلى الكتاب كذلك ؟
هوامش:

(1) ــ معطيات من مديرية الثقافة
(2) ــ معطيات من دار الثقافة.
(3) ــ أ.سعد العمامرة.الإنتاج الفكري الثقافي السوفي..جمعية الجماعة السوفية بالوادي.إصدارات دار الثقافة بالوادي.2010  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...