الخميس، 28 فبراير 2013

فن المنمنات بالوادي


فن المنمنات بالوادي
بقلم: بشير خلف
كان الأسبوع الثقافي لولاية المدية بالوادي، والذي اختُتم مساء يوم الخميس 11 نوفمبر 2010 بدار الثقافة الجديدة بمدينة الوادي زاخرا بالنشاطات الثقافية، والعروض الفلكلورية، وكذا المعروضات.
معرض الفنون التشكيلية كان مميّزا جدا لاحتوائه على لوحات تشكيلية، ولوحات خطية جميلة في الخط العربي، إلاّ أن الأجمل فن المنمنات الذي تجلّى في عديد اللوحات للفنان التيتري " قرميط" حيث كانت لوحات جميلة تميّزت بالتحكم في هذا الفن من حيث النور والظل،والفضاء المكاني وحتى الزماني،وتوظيف الألوان توظيفا جماليا راقيا بما يخدم الموضوع.

من هذه اللوحات لوحة استطاع الفنان قرميط مراد، وباحترافية عالية، وبحسٍّ جمالي راقٍ، وقراءة للتاريخ الجزائري، واطّلاع مميّز على كل منطقة من الربوع الجزائرية، أن يجسّد بهذا الفن المنمناتي العصيّ أن يطوّعه في لوحة جمالية تسع جغرافية الجزائر بدءا بالبحر الأبيض المتوسط ، وجبال الأطلس التلي، مرورا بالهضاب العليا، وانتهاء بالصحراء الكبرى، على أن يُضمّن اللوحة بعض المشاهد التراثية المعمارية لعدة مناطق مختلفة من الوطن، وكذا الوجوه النسائية والرجالية وخصوصية الملابس لهذه الوجوه كنساء منطقة القبائل،والشاوية، والتوارق..هي لوحة محمّلة بالموروث الشعبي، مثلما هي محمّلة بالجغرافيا والتاريخ.

إن فن المنمنات من الفنون التشكيلية الصعبة جدا، فالتحكم فيه والقدرة على امتلاكه، وتطويعه ليس في متناول الجميع، ولذلك فنانوه قليلون مقارنة بالفن التشكيلي وأنواعه كالتكعيبي، والتجريدي، والسوريالي، والواقعي، وغير ذلك، ففنان المنمنات ينبغي أن يكون ملمًّا بفن الخط العربي، والرياضيات سيّما الهندسة، والعلوم الطبيعية، والتاريخ، والجغرافيا، وقوة الاحتمال، والصبر، وقوة النظر، ونور البصيرة.

حقيقة الشاب قرميط مراد لاحظنا عليه هذه الخصال الإنسانية الراقية خلال زيارتنا لمعرضه، وتحاورنا معه حول نشاطاته، وانشغاله بهذا الفن الراقي دون غيره..تأكيدا إذا واصل وطوّر أدواته الفنية، واستفاد من المدرسة" الراسمية" ـ نسبة إلى عائلة محمد راسم ـ ثم تفرّد بفنه سيكون له شأنٌ كبيرٌ.

الفنان قرميط مراد
فنان تشكيلي، خريج المدرسة الجهوية للفنون التشكيلية بمستغانم.مقيم بولاية المدية، شارك في عديد الصالونات والمهرجانات للفنون التشكيلية، والمسابقات الدولية في فن المنمنات، والزخرفة..وكذا الأسابع الثقافية والتظاهرات الفنية التي تقيمها، أو تشارك بها ولاية المدية.

ما هو فن المنمنات؟
هناك من يسميها ”فن التزويق”، كما سميت بالرسوم الناعمة والهادئة ذات الألوان الشفافة الرائعة التي ملأت المخطوطات الإسلامية أو ما يعرف اليوم بفن الرسوم الإيضاحية التي نجدها على صفحات الكتب في مختلف العلوم مثل الكيمياء والطب والميكانيك أو رسوم مستوحاة من الخيال في الكتب الأدبية كمقامات الحريري وكليلة ودمنة، ويعد هذا الكتاب أول ما ظهرت فيه فن المنمنمات، إضافة إلى كتاب الأغاني لأبي فرج الإصفهاني وكتاب الكواكب الثابتة لعبد الرحمن الصوفي… والمنمنمات رسوم مصغرة تثري الصفحة وتضيء النص المكتوب وتحاول توضيح الالتباس بغية الوصول إلى هدف وغاية معينة. وللمنمنمة جانبان، أما الأول فهو تفسير النص وتوضيح ما ورد فيه من معلومات، بينما ينحصر الجانب الثاني في كل ما هو فني لأنها تقدم لوحة فنية تحمل المفاهيم الجمالية والصياغات التعبيرية للفكرة، فهي بذلك توفر للقارئ متعة بصرية تساعده على استيعاب المعلومات وتساعده في التواصل مع النص بكل سهولة، وهي تجمع بين جمال الرسوم الملونة وبراعة الخطوط وحُسن تنسيقها وتناغمها مع الرسوم من خلال صياغة مبتكرة متناسبة مع النص، حيث يصل تناغم السطوح اللونية في خرائط المنمنمة أحيانا إلى درجة كبيرة من الرفاهة والحس الجمالي إلى حد الإعجاز.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الغزو الفكري وهْمٌ أم حقيقة كتب: بشير خلف       حينما أصدر المفكر الإسلامي، المصري، والمؤلف، والمحقق، وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأ...