الأربعاء، 27 فبراير 2013

هذا هو المثقف الحقّ في اعتقادي..


هذا هو المثقف الحقّ في اعتقادي..
بشير خلف
المعرفة إذا لم تُتوّج بقيم توجهها نحو خير الإنسان تصبح شرّا..وكذا الثقافة التي يكسبها الفرد فإنْ لم تكن مرفوقة بأخلقة تحترم الآخر، ولا تكنّ له الشرّ، ولا تنقص من مكانته ..بالآخر نتعرف على مكانتنا في المجتمع وبه، ومنه نحدد ذواتنا..
المثقف إذا لم تقده ثقافته إلى احترام الآخرين، وتقدير قدراتهم، ومكانتهم في المجتمع، كما أن ثقافة الفرد يُفترض أن تكون نبراسًا في تثمين ما لدى الآخرين مهما كانت قيمته، وألاّ تكون هذه الثقافة تعاليا على الغير، واعتبار الذات فوق الجميع،وأفضل، واحتقارهم، وعدم تقبّل أي رأي، أو أيّ نتاج للغير ..إنها النرجسية القاتلة للمثقف..كما أن المثقف الصادق مع نفسه قبل غيره يقرّ أن المعرفة ليست حكرًا عليه وحده، وأنها مُتاحة للجميع بفضل ديمقراطية التعليم، وبفضل المرافق المختلفة الرسمية منها وغير الرسمية..كما أن وسائط المعرفة الحديثة صارت من خلالها المعرفة المتجددة، والمسايرة لمستجدات العصر في متناول حتى الأطفال الصغار.

إن المثقف الحقّ هو ذاك المتواضع مع ربّه سبحانه، وتعالى والشاكر إليه في كل آنٍ على أفضاله، ونعمائه التي وهبه إيّاها، وسخّرها إليه، وجعلها في متناوله حتى نال نصيبًا من المعرفة أهّلته كي يأخذ مكانة مرموقة في المجتمع..لا أن يجحد هذه النعمة، وذاك الفضل وأن يكون متنكرًا للقيم الروحية بدعوى" العقلانية" و" الحداثة" .
بكل صدق وأمانة إن المجتمع ينظر إلى بعض المثقفين نظرة مشُــوبة بالشفقة بسبب تعاليهم، ونرجسيتهم الغير المبرّرة، ويعيبون عليهم الظهور إلاّ في المناسبات، وخاصة أثناء حضور الرسميين، إذ يكونون في الصفوف الأولى..وما عدا ذلك هم غائبون، ولا يعرفون غير " ثقافة التشكّي" كما نظرتهم إلى الكون تتسم بالسوداوية.
إن المثقف من اتسم بتواضع العلماء في غير إسفافٍ، ولا مذلّة، واتسم بالقيم السامية ظاهرا وباطنا في سلوكاته مع ربّه أوّلاً، ثم مع عباده دون تقديس للذات، ولا نرجسية شبه تأليهية، وسخّر قلمه وفكره لخدمة وطنه، وللإنسانية، وحرص على تنوير ورفع مستوى البشر، وعمل على توجيه وتربية الجميع سيّما الأجيال الجديدة على ترسيخ قيم الحقّ والجمال، وترسيخ الذّوق العام لكل ما هو جميل في الكون من أجل تحبيب الحياة، ومقاومة الشرّ أينما كان، وكذا مقاومة الرداءة..هذا هو المثقف في رأيي .وما عداه فهو ادّعاء، والتصاق بالثقافة زيْفًا.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الغزو الفكري وهْمٌ أم حقيقة كتب: بشير خلف       حينما أصدر المفكر الإسلامي، المصري، والمؤلف، والمحقق، وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأ...