الخميس، 28 فبراير 2013

العطور..سحرٌ وأسرارٌ


العطور..سحرٌ وأسرارٌ
يرى العديد من الباحثين أن الاستخدام الأول للعطور كان في إطار الطقوس الدينية ، وممّا هو مؤكد تاريخيا أن أول من استخدم العطور هم قدماء المصريين الفراعنة، فقد صنعوا قرابين من الزيوت العطرية أو المراهم واستخدموا العطور في تحنيط الموتى؛ وفي اليونان شاع استخدام العطور لدرجة انه لم يكن يسمح لغير الحلاقين والنساء بشرائها وذلك خوفا من توفيرها للأغراض الدينية، وأيضا استخدمت الامبراطورية الرومانية كميات خيالية من العطور، ولم تقتصر النساء على تعطير أنفسهن فحسب بل كن يعطينها كلابهن وقرودهن، وأثناء الولائم كانت أسراب الطيور تُعطر بعد غمس أجنحتها في العطور، وفي عهد نيرون كان سقف قاعة الدعوات يمطر رذاذا من العطور والأزهار، وفي ذلك الوقت كان الشرق اكبر مصدر للعطور واستهلك نيرون في جنازة زوجته كل ما أمكن إنتاجه من عطر في الجزيرة العربية في عشر سنوات.
وقد أدت غزوات البربر إلى توقف استخدام العطور في أوروبا إلا أنهم بعد توقف الغزوات أعادوا جلبها إذ اخذوا معهم عند عودتهم علبا من المرهم المعطر لنسائهم وقد انتشر استخدام العطور المستوردة من الشرق إلى أوروبا كلها ولقد قال شكسبير في رواية ماكبث في القرن السادس عشر في انكلترا:
«لا يمكن لكل عطور الجزيرة العربية أن تجمل هذه اليد الصغيرة»
ومن سوء الحظ أن رجال البلاط كانوا يستخدمون العطور بدلا من الصابون والماء وكان بلاط الملك لويس الرابع عشر الفخم معروفا باسم البلاط المعطر.

مهمة العطور
إن العطور تحيطك بشيء من الانتعاش الروحي والجسدي، وتبعث في نفسك شيئاً من التأمل في المستقبل، ولذلك في تحقيق صحفي سعى أحد الصحفيين إلى إجراء دردشات مع عدة مواطنين حول مكانة العطور في حياتهم، وما توحيه لفظة عطور عند سماعهم لها؛ فكانت أغلب إجاباتهم أنهم يشعرون بالارتياح حال سماع كلمة العطور، واستطاعوا أن يبدوا آراءهم بكل امتنان وعفوية فقال أحدهم وهو خريج جامعة : إن الخاصية الكيمياوية الموجودة في العطور موجودة ومستقاة من الطبيعة، والطبيعة هي التي تحدد العطر الجيد من النتانة وذلك يعود إلى فعل الطبيعة، أما الخاصية الإنسانية فهي مرتبطة بالطبيعة ؛ ولهذا فالعطر هو تصنيع كيمياوي في حقيقته من أجل العودة إلى الطبيعة.
وأبدى مواطن آخر رأيه بالقول حيث يرى:
• بأن العطور تعتبر ضرورة مكملة للشخصية مع العلم انه يجب اختيارها في أوقاتها المناسبة فللصباح عطر معين وللمساء عطر آخر، وهذا كله يعكس ذوق المستعمل وعلى حد تعبيره تنتج العطور على هذا الأساس؛ فللعطور استعمالات معينة ويجب أن تستخدم في أماكنها؛ فلكل عطر مكان وزمان وعليه فإن هذا يعكس شخصية الإنسان إذا كان من أصحاب الشخصيات المرموقة التي ترتب حياتها بشكل أفضل من غيره.
• أما عن التأثيرات النفسية فإنها تؤثر تأثيرا ايجابيا على النفس البشرية، وتحدد سلوكها وتبعث فيها من الأمل وحسن النظر إلى المستقبل الشيء الكثير ولهذا فان العطور تكون من مكملات الارتياح النفسي والصفاء الذهني الذي يكون مترابطا بالصفات الإنسانية الكبيرة، وقدرة الإنسان على الانبعاث والتجدد في أيّ مرحلة من مراحل حياته.
وللحديث عن الشركات المنتجة هناك الكثير من الشركات المنتجة التي تنتج هذه العطور منها شركات ذات مستويات بسيطة، ومنها شركات ذات سمعة طيبة وعالمية وأكيد يكون لها النصيب الأكبر في هذه الصناعات الجميلة والراقية.

توثيق الأواصر والعلاقات الاجتماعية
مواطن آخر يبعث وجهه على الطيبة والكبرياء، وصلة الرحم والتقارب، وتوثيق العلاقات الاجتماعية يرى بأن العطور هي أحد العناصر الرئيسة في توثيق هذه العلاقات، والمتعة الكبيرة في دخول عالم مليء بعطر الورد أو أية عطور أخرى ؛ لا سيما الشعور بالارتياح، وتأثيرها على الدماغ وجميع خلايا الجسم، وشخصيا نصحني الأطباء عندما أصاب بضغط الدم المرتفع فيجب علي أن استنشق هذه العطور التي تهدئني وتبعث في نفسي أملا وألقًا، ناهيك عن انخفاض في الضغط ، ولأنها كما قلت عتبة دخولي الأول إلى عالم مليء بالعطور والحياة؛ فلذلك أجد في العطور نموذجا مثاليا في تقوية كل أواصر المحبة والسلام.
وديننا الإسلام حريص على التحدث عن العطور خلال الذهاب إلى المسجد، كما شدد نبينا محمد (ص) على وضع العطور قبل دخول المسجد لأنه يجد في ذلك تكوين ألفة ومحبة بين المصلين، فإذا كان المصلي يجد هذه الألفة بين أصحابه، فمن المؤكد انه سينقلها إلى بيته ، وبين أطفاله؛ ولهذا فالعطور إحدى وسائل التواصل، والتراحم بين الناس. 
وبعـــــــــــــــــد
ما السبب في أن هذه الزجاجة من العطر قد تساوي مبلغاً بسيطاً من المال، بينما تساوي غيرها، وفي نفس حجمها مبلغاً كبيراً؛ ويتوقف جواب ذلك على نوع المكونات التي تستخدم في صناعة العطور المختلفة، وحين تستخدم الكثير من المواد قد تتجاوز المئة مادة خام من أثمار ومواد كيمياوية أخرى وعدّة حيوانات.
وقد تحتوي الواحدة منها على خمسين مادة مختلفة ومن الجدير بالذكر أن أهم العواصم العالمية في صناعة العطور هي مدينة صغيرة تدعى(جراس) بمقاطعة بروفانس، وتقع في جنوب فرنسا وتمتد الحقول أميالا وهي مغطاة بالأزهار والياسمين، لقد قدمنا هذه النبذة المختصرة عن العطور ليتسنى لنا الدخول في تاريخها، وصناعتها، وتأثيرها الاجتماعي، وبُعد تأثيرها؛ ولهذا قد تكون أفكارنا بهذا الاتجاه لنصنع من هذا الموضوع قارورة عطر تفوح على من يطلع عليها وعلى تأثيرها في اللأرواح، وما يتأتّى من ألفة، وترابط اجتماعي له القدرة في الدلالة على الأشخاص الذين يتعطرون. 

العطور صديقة الإنسان
إذا كان الطعام هو متعة البطن والجسد ، فإن الطيب والعطر هو متعة النفس والروح ..
المزيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...