الفرار إلى واحات
الفنون
بقلم : بشير خلف
بقلم : بشير خلف
" إن الذي
يشتغل بيديه هو العامل، والذي
يشتغل بيديه وعقله هو الصانع؛ أمّا
الذي
يشتغل بيديه وعقله وقلبه ، فهو
الفنّان "
الفنّان الشهير ..المثّال المصري ( مختار
)
بقلم : بشير خلفالإنسان في زماننا هذا يعاني من صعوبات الحياة التي أخذت تزداد ، وتتعدّد ، تلكم الزيادة وذلكم التعدّد يوشكان أن يُفْرغا أحيانا هذا الإنسان المعاصر مِنْ أنْ يتفرّغ إلى ذاته فيخلو بها ، وإليها بحْثا عن جوهره الإنساني ، ولحياته الشخصية الباطنية التي بإمكانها أن تنزع به كي يستقلّ بقلبه وروحه عن العالم ، وقضاء لحظات طليقا وقد حرّر روحه وفؤاده من عالمٍ يُطبق رويدا ، رويدا ..فإذا الخلاص والتحرّر إلاّ في رحاب الدّين ، أو الفرار إلى واحات الفنون .
(( …فالدّين والفنّ هما الحياة الباطنية للإنسان ، إذْ ليس في قدرة الإنسان أن يستغني لا عن الله ، ولا عن الجمال .)) (1)
ولقد ارتبط الفنّ بالذين منذ القديم ، وتعايشا جنْبا إلى جنْب ، بل وامتزجا في كل الحضارات ، ولا يزالان ..فكلاهما ينزع نحْو الحقّ ، والخير، والجمال التي تشعّ بها الديانات السماوية ، سيّما الدين الإسلاميّ ..فالفنّ هو الذي يُضْفي على الموجودات تلك اللّمسات السحرية ، الرّاقية ، وهو البلسم الشافي لأمراض ، وسلوكات القبح والبشاعة .إن روح الفنّ هي روح الأُلْفة والسّلام والمحبّة .
إن البشرية قد تتصارع ، وقد تختلف، وقد تتحارب ـ وما أكثرها في كلّ الأزمنة ـ لكنها تلتقي محتفية ، وغير مختلفة البتّة عند " موزار" و" بتهوفن " و" المتنبّي " و" شكسبير" و " المعرّي " و" موليير " و" فكتور هيغو " و" نزار قبّاني " و" محمود درويش " وغيرهم ، وغيرهم ..فوق القوانين ، وفوق النظم ، وفوق ظواهر الحياة العارضة ، يحلّق الفنّ جوهرا، حرّا، طليقا يخاطب النفس البشرية في سموّها الرّوحيّ .مطالب الإنسان تتعدّد ، وسلوكه يتغيّر ، والعادات تسود وتزول ، والمجتمعات تتحوّل وتتجدّد ، ولكن الفنون الرائعة الأصيلة هي الباقية على مدى الدهور والأعوام .(2)
إن الحديث عن الفنون الرائعة، الناضحة بالصدقية ،والأصالة، والانتماء يجرّنا حتْما إلى ذلكم الإنسان مبدع الفنّ وصانعه ..ألا وهو الفنّان .
هوامش
(1)ـ إبراهيم المصري .خبز الأقوياء .ص161 سلسلة كتاب إقرأ 380 دار المعارف .مصر1974
(2) ـ المرجع السابق ص 155
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق