الخميس، 28 فبراير 2013

الفـن.. والحياة


الفـن.. والحياة
بقلم: بشير خلف
      إذا كان الفنّ هو صورةٌ من صُور التآلف ، والتناسق ، والتناغم بين الأشياء المختلفة ، إذْ تنسجم فيها المكوّنات للعمل الفنّي ، ويتآلف فيها الجمال والمنفعة ، وتتجانس فيها الروح والمادة ، ويتكامل فيها النغم وأوزانه ؛ فإن الحياة هي لوحةٌ فنية ، غنيّة الأبعاد والخيال ، والإنسان فيها يمثّل الحياة في أعْلى قيمها ، والإنسان بحدّ ذاته أعظم عملٍ فنّيٍّ خلقه مبدع الكون.. ربّنا الأعظم ، خلقه في أحْسن تقويم ، خلقه وهو قمّة في التناغم والتناسق بين أعضائه وجوارحه .
      
 والفنّ والحياة عنصران لا يمكن فصلهما عن بعض بحكم التلازم ، وهي علاقة الإنسان بالفنّ .(1)
نشأ الفن منذ أنْ وُجد الإنسان
       لقد نشأ الفن مع الإنسان منذ أن بدأت الحياة الإنسانية ، فمولد الفن ارتبط بمولد الإنسان نفسه في صُوره البدائية . كان الفن البدائي مرتبطا في كلّ أحواله ، وصُوره بغايات نفعية تهمّ الإنسان ، ويبدو هذا واضحا في صُنْع الإنسان البدائي لأدوات الصيد ، والزراعة ، وأواني الطعام ، والتماثيل ، وإن كان الفنان حينها لم يكن على وعْيٍ بالقيم الجمالية التي اكتسبها من خلال الممارسة الطويلة لمّا كان يصنع تلكم الأدوات ، فقد كان ما يهمّه ، ويحرص عليه في عمله ، أو فيما يُنتجه أن يصنع آلة حادّة قاطعة ، أو وعاء ، أو صُورة لحيوان ، أو تمثالا ؛ ومهما كانت هذه النتاجات ، أو الصناعات ، أو الأعمال ، فإن ذاك الإنسان البدائي قد اكتسب طوال المراحل البدائية المختلفة خبرةً حرفيةً التصقت بها عن وعْيٍ ، أو غير وعْيٍ مجموعة من التقاليد الفنّية ، واكتسب خلالها الكثير من المهارات ، والدّربة أهّلته لأن ينتقل من العصور البدائية إلى عصْر الحضارة .(2)
      
   وتحمل الممارسة الفنية للإنسان البدائي دلالات ثقافية هامّة ، إذْ تؤكّد أن الرغبة في الإبداع مكوّنٌ أساسيٌّ من التكوين البشري من جهة ، وتؤكد من جهة أخرى أن هذه الممارسة الفنية التي في أصلها ممارسة حرفية صنعية ، بما تحمله من معانٍ ودلالاتٍ ، وما مرّت به من تطوّر هي جزْءٌ من تكوين الثقافة الإنسانية في أبعادها المختلفة ، وفي بُعْدها الأنثروبولوجي على وجْه الخصوص

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...