الباحثة الفرنسية ماري فرانسواز شيتور :
يوجد اليوم كتاب يحملون هويات مختلفة
يوجد اليوم كتاب يحملون هويات مختلفة
تحاول الباحثة الفرنسية ماري فرانسواز شيتور إثارة قراءة نقدية راهنة لواقع التجربة الإبداعية الجزائرية باللغة الفرنسية التي طالما ارتبطت بالماضي الاستعماري في الدول الإفريقية عموما وفي الجزائر تحديدا. وتطرح في هذا الحوار الذي خصّت به ”الخبر” مسألة العلاقة بين الإبداع واللغة.
أعدت مؤخرا طرح مسألة ” الآداب الفرانكفونية من اللغات والثقافات”، ما هي المقاربة التي تناقشين من خلالها هذه العلاقة؟
انشغل الكتاب الفرانكفونيون بالمواضيع المتصلة بالبحث عن الهوية التي يرفضها الآخر ولا يقبلها. لهذا كانوا دائما يصرون على خصوصيتهم الثقافية من خلال كتاباتهم. وسرعان ما فهموا أن هناك فرصة لمعرفة لغة أخرى، وثقافة مغايرة، متحرّرة عن ”المركز”، أي فرنسا. هناك اليوم هوية متعددة متكونة من ”الأفرقة” و”الفرنسة”، كما هو الحال بالنسبة لكتاب ”الجيل الرابع”، الذين ولدوا بعد الاستقلال، مثل عبد الرحمن وابري، وانفتحوا لكل أنواع التأثير، من خلال قراءاتهم وتنقلاتهم (منفى، هجرة، دارسة). فهؤلاء الكتاب، يتميزون بحمل هويات متنوعة، وهم يرفضون أيضا ”الانغلاق في الأصول”، أو أن نلحقهم بثقافة واحدة، حتى وإن كانوا لا ينسون جذورهم، هم يتجاوزون ذلك ومنفتحين على الآخر، ويشاركون في تيار العولمة، في مفهومها الجيد، أي تلك العولمة التي تجعل من الخصوصية قيمة عالمية. إذا أردنا تقييم واقع اللغة الفرنسية اليوم، من أين نبدأ الحديث؟ وكيف تواجه قوة اللغات العالمية الأخرى؟
تطور اللغة الفرنسية اليوم، مرهون بعدم بقائها جامدة، إذا انفتحت حقيقة على كل الفرنسيين الذين جاؤوا من هناك، لأنهم هم الذين سيبعثون فيها الديناميكية والتجديد، ستتطور وتزيد ثراء حينما نؤمن بأنه لا يوجد مركز أحادي، الأمة الفرنسية. وبأن المراكز موجودة في النقاط الأربع من العالم. لمواجهة اللغات القوية الأخرى، علينا توفير جو حقيقي من التضامن ومن تقسيم القيم المشتركة، الذين يكتبون بالفرنسية، قد يبرزون لنا أصوات جديدة، من خلال أعمال تحمل في عمقها هوية متعددة، كريمة متحركة، ورهانا أساسيا لعالمنا.الجزائر واحدة من الدول التي تعد أسماء أدبية كبيرة تكتب بالفرنسية، أين تصنفين هذه الأقلام؟
قبل الإجابة عن السؤال، أذكر الروائية الكاميرونية ليونورا ميانو يوم قالت: ”لا يوجد هناك أدب مغاربي أو أدب إفريقي. هناك أدب، جيد كان أم سيء، فقط”. إذن، أنا أقول، نعم الجزائر تضم أسماء أدبية كبيرة، ليست جزائرية فقط، بل هي عالمية أيضا.ماذا تمثل لك هذه الأسماء: محمد ديب، آسيا جبار، مالك حداد، ياسمينة خضرة، مولود فرعون؟
يقدم لنا محمد ديب، كتابة واقعية، حالمة، شاعرية أيضا. شخوصه النسائية جميلة، هو بالنسبة لي ”كاتب اللاحدود”. هو من الجزائر فعلا، لكنه يعكس كل دول الشمال.. شخصيا أنا متأثرة بكتابه ”من يتذكر البحر؟”، حيث يشرح أنه مع الحرب وبشاعتها، لم يعد قادرا على الكتابة بأسلوب كلاسيكي، فكان عليه أن يبدع طريقة جديدة للكتابة. ما شدني هو التشابه الكبير بين الرواية ولوحة بيكاسو ”غيرنيكا” التي رسم فيها الحرب الأهلية باسبانيا.
آسيا جبار: عملها ضخم، كروائية وسينمائية. يبهرني أسلوبها في ”نساء الجزائر في بيوتهن”، هو بمثابة التقاطع بين لغات الفن والحوار في لوحة أوجين دولاكروا.
مالك حداد: الذي شعر بالألم، والخيانة وهو يكتب بلغة المستعمر؟ يبدو ذلك الشعور غريبا، ألا يمكن أن تكون ازدواجية اللغة فرصة وثراء؟ اعتقد أن هناك من برهنوا انه بإمكاننا أن نكتب بالفرنسية لنقول لغتنا وثقافتنا.
ياسمينة خضرة: هو تجديد في النوع، وفي الرواية البوليسية تحديدا، فهو لا يخشى أن يكون منددا بأوضاع معينة، أفكر هنا في ”الاعتداء” و”أشباح الجحيم”.
اعتقد أن الأدب الجزائري يواصل في الازدهار، وحصد ثمار زرعها أمثال كاتب ياسين. ثمة أصوات جديدة جديرة بالاهتمام والدراسة على غرار مايسة باي.هل أعطى هؤلاء الكتاب شيئا للّغة الفرنسية؟
نعم، كثيرا..، هم يمنحون لغة جديدة بها مزيج بين الشفوية والكتابة. وهو ما سماه رولان بارث بـ ”هسهسة اللغة”، فسيل الكلام يمنح الحياة للكتابة، للغات والثقافات، وحتى لشتى أنواع الفنون التي بامتزاجها تعطي فسيفساء متجانسة من الأشكال.ما هي مكانة الجزائري في هذه النصوص، أقصد ثمة من يريد القول إن الكتابة بالفرنسية هو التخلي عن الوطن؟
لا، لا..! لا يجب أن نربط اللغة المستعملة بسبب ظروف تاريخية بموقف أيديولوجي ما. اللغة الفرنسية كانت ”مفروضة” في المدارس، على الذين كتبوا بها فيما بعد. لكن إذا كانت ”ترجمة” الأفكار والأحلام إلى الفرنسية صعبة أحيانا، فقد أنهى هؤلاء الكتاب حالة الاضطراب والانقسام، واعتبروا ذلك حالة ”حب مزدوج”، كما جاء في عنوان لرواية المغربي عبد الكبير خطيبي. يمكنني القول إنه حتى الكتاب الجزائريين، قاموا بـ”تحرير” اللغة الفرنسية من اللغة المفروضة. وذلك باتخاذها لغتهم فامتلكوها.
أعدت مؤخرا طرح مسألة ” الآداب الفرانكفونية من اللغات والثقافات”، ما هي المقاربة التي تناقشين من خلالها هذه العلاقة؟
انشغل الكتاب الفرانكفونيون بالمواضيع المتصلة بالبحث عن الهوية التي يرفضها الآخر ولا يقبلها. لهذا كانوا دائما يصرون على خصوصيتهم الثقافية من خلال كتاباتهم. وسرعان ما فهموا أن هناك فرصة لمعرفة لغة أخرى، وثقافة مغايرة، متحرّرة عن ”المركز”، أي فرنسا. هناك اليوم هوية متعددة متكونة من ”الأفرقة” و”الفرنسة”، كما هو الحال بالنسبة لكتاب ”الجيل الرابع”، الذين ولدوا بعد الاستقلال، مثل عبد الرحمن وابري، وانفتحوا لكل أنواع التأثير، من خلال قراءاتهم وتنقلاتهم (منفى، هجرة، دارسة). فهؤلاء الكتاب، يتميزون بحمل هويات متنوعة، وهم يرفضون أيضا ”الانغلاق في الأصول”، أو أن نلحقهم بثقافة واحدة، حتى وإن كانوا لا ينسون جذورهم، هم يتجاوزون ذلك ومنفتحين على الآخر، ويشاركون في تيار العولمة، في مفهومها الجيد، أي تلك العولمة التي تجعل من الخصوصية قيمة عالمية. إذا أردنا تقييم واقع اللغة الفرنسية اليوم، من أين نبدأ الحديث؟ وكيف تواجه قوة اللغات العالمية الأخرى؟
تطور اللغة الفرنسية اليوم، مرهون بعدم بقائها جامدة، إذا انفتحت حقيقة على كل الفرنسيين الذين جاؤوا من هناك، لأنهم هم الذين سيبعثون فيها الديناميكية والتجديد، ستتطور وتزيد ثراء حينما نؤمن بأنه لا يوجد مركز أحادي، الأمة الفرنسية. وبأن المراكز موجودة في النقاط الأربع من العالم. لمواجهة اللغات القوية الأخرى، علينا توفير جو حقيقي من التضامن ومن تقسيم القيم المشتركة، الذين يكتبون بالفرنسية، قد يبرزون لنا أصوات جديدة، من خلال أعمال تحمل في عمقها هوية متعددة، كريمة متحركة، ورهانا أساسيا لعالمنا.الجزائر واحدة من الدول التي تعد أسماء أدبية كبيرة تكتب بالفرنسية، أين تصنفين هذه الأقلام؟
قبل الإجابة عن السؤال، أذكر الروائية الكاميرونية ليونورا ميانو يوم قالت: ”لا يوجد هناك أدب مغاربي أو أدب إفريقي. هناك أدب، جيد كان أم سيء، فقط”. إذن، أنا أقول، نعم الجزائر تضم أسماء أدبية كبيرة، ليست جزائرية فقط، بل هي عالمية أيضا.ماذا تمثل لك هذه الأسماء: محمد ديب، آسيا جبار، مالك حداد، ياسمينة خضرة، مولود فرعون؟
يقدم لنا محمد ديب، كتابة واقعية، حالمة، شاعرية أيضا. شخوصه النسائية جميلة، هو بالنسبة لي ”كاتب اللاحدود”. هو من الجزائر فعلا، لكنه يعكس كل دول الشمال.. شخصيا أنا متأثرة بكتابه ”من يتذكر البحر؟”، حيث يشرح أنه مع الحرب وبشاعتها، لم يعد قادرا على الكتابة بأسلوب كلاسيكي، فكان عليه أن يبدع طريقة جديدة للكتابة. ما شدني هو التشابه الكبير بين الرواية ولوحة بيكاسو ”غيرنيكا” التي رسم فيها الحرب الأهلية باسبانيا.
آسيا جبار: عملها ضخم، كروائية وسينمائية. يبهرني أسلوبها في ”نساء الجزائر في بيوتهن”، هو بمثابة التقاطع بين لغات الفن والحوار في لوحة أوجين دولاكروا.
مالك حداد: الذي شعر بالألم، والخيانة وهو يكتب بلغة المستعمر؟ يبدو ذلك الشعور غريبا، ألا يمكن أن تكون ازدواجية اللغة فرصة وثراء؟ اعتقد أن هناك من برهنوا انه بإمكاننا أن نكتب بالفرنسية لنقول لغتنا وثقافتنا.
ياسمينة خضرة: هو تجديد في النوع، وفي الرواية البوليسية تحديدا، فهو لا يخشى أن يكون منددا بأوضاع معينة، أفكر هنا في ”الاعتداء” و”أشباح الجحيم”.
اعتقد أن الأدب الجزائري يواصل في الازدهار، وحصد ثمار زرعها أمثال كاتب ياسين. ثمة أصوات جديدة جديرة بالاهتمام والدراسة على غرار مايسة باي.هل أعطى هؤلاء الكتاب شيئا للّغة الفرنسية؟
نعم، كثيرا..، هم يمنحون لغة جديدة بها مزيج بين الشفوية والكتابة. وهو ما سماه رولان بارث بـ ”هسهسة اللغة”، فسيل الكلام يمنح الحياة للكتابة، للغات والثقافات، وحتى لشتى أنواع الفنون التي بامتزاجها تعطي فسيفساء متجانسة من الأشكال.ما هي مكانة الجزائري في هذه النصوص، أقصد ثمة من يريد القول إن الكتابة بالفرنسية هو التخلي عن الوطن؟
لا، لا..! لا يجب أن نربط اللغة المستعملة بسبب ظروف تاريخية بموقف أيديولوجي ما. اللغة الفرنسية كانت ”مفروضة” في المدارس، على الذين كتبوا بها فيما بعد. لكن إذا كانت ”ترجمة” الأفكار والأحلام إلى الفرنسية صعبة أحيانا، فقد أنهى هؤلاء الكتاب حالة الاضطراب والانقسام، واعتبروا ذلك حالة ”حب مزدوج”، كما جاء في عنوان لرواية المغربي عبد الكبير خطيبي. يمكنني القول إنه حتى الكتاب الجزائريين، قاموا بـ”تحرير” اللغة الفرنسية من اللغة المفروضة. وذلك باتخاذها لغتهم فامتلكوها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق