الاثنين، 4 مارس 2013

مسار المرحوم المثقف الموسوعي


مسار المرحوم المثقف الموسوعي
مولود قاسم محلّ ندوة علمية
الملتقى الوطني الثالث حول المرحوم مولود قاسم نايتبلقاسم
حضر رفاق السلاح وغاب رفاق الحكم
كشف المجاهد، عبد الحميد مهري في أشغال الملتقى الوطني الثالث حول المفكر الراحلمولود قاسم نايت بلقاسم، الذي انطلقت فعالياته صبيحة الأربعاء 29/ 04 /2009 بقاعة دار الثقافة ببجاية أن المرحوم قاسم هو أول من وضع اللّبنة الأولى لحوار الحضارات، خاصة بين العالمين الغربي والإسلامي من خلال تبسيط المفاهيم وكسر الجليد الموروث عن الحقب السابقة
عُرف مولود قاسم بتشبثه بأصالته وهويته الأمازيغية والإسلامية والعربية وكرس نفسه مدافعا عنها أمام خصوم الداخل والخارج.
وكان لتفتّح المرحوم مولود قاسم، فكريا وحضاريا، حسب شهادة عبد الحميد مهري الدور البارز في كسر الجليد القائم بين الأجيال المتصارعة وإذابة الأفكار والمواقف المتعصّبة والمتجذرة في الأذهان.
ويعود الفضل في ذلك حسب السيد مهري إلى تشبع الرجل بمنابع الأصالة وتمسكه بالمعاصرة. وعكس الإشاعات التي يروجها البعض حول تنصل مولود قاسم من أصالته الأمازيغية من خلال مواقفه من اللغة العربية خاصة مع تكليفه بمشروع تعميم اللغة العربية خلال الثمانينات وترأسه المجلس الأعلى للّغة العربية، وغيرها من المواقف الدفاعية عن اللغة العربية، أكد مهري أن الرجل شديد التمسك بهويته وأمازيغيته وأثبت ذلك في كتاباته وإسهاماته الأدبية إلى جانب مواقفه المشرفة للدين الإسلامي من خلال تنظيم ملتقيات الفكر الإسلامي، اثنين منها ببجاية خلال سنتي 1974 و.1988

ملتقى بجاية هو الثالث من نوعه، والذي اعتادت على تنظيمه جمعية مولود قاسم حيث حضرته شخصيات بارزة في عالم الثقافة، خاصة من جيل مولود قاسم ورفاقه في السلاح والفكر منهم عبد الحفيظ أمقران ضابط بالولاية الثالثة ووزير سابق والشيخ الكبير طاهر آيت علجت وعدد كبير من إطارات الشؤون الدينية، بالإضافة إلى أفراد عائلة المرحوم من حرمه وأولاده. وللتذكير، فإن مولود قاسم نايت بلقاسم ولد بقرية بلعيال بمنطقة آيت عباس معقل عبد الحميد بن باديس في جانفي 1927، أتم حفظ القرآن بزاوية سيدي يحي العيدلي على يد شيخه محمد الطاهر آيت علجت.

انتقل إلى تونس سنة 1946م (جامع الزيتونة) فتحصل على شهادة ألأهلية، ثم التحق بكلية الآداب بجامعة القاهرة، وتحصل منها على هادة الليسانس في الفلسفة. عند اندلاع الثورة الجزائرية اختارته جبهة التحرير الوطني متنقلا بين سويسرا، وألمانيا ،وبعض الدول الأسكندنافية إلى غاية الاستقلال. وبعد ذلك وفي سنة 1963م عُـين مديرا سياسيا بوزارة الشؤون الخارجية. شغل سنة 1967م منصب مستشار سياسي ودبلوماسي لدى رئاسة الجمهورية. في سنة 1970م عين وزيرا للتعليم الأصلي والشؤون الدينية إلى غاية سنة 1979م حيث عمّم معاهد التعليم الأصلي في أغلب ربوع الجزائر، معاهد استقدم لها أكفأ الأساتذة من المشرق العربي، وتخر|ج منها الآلاف فكانوا أحسن الجنود المخلصين لقطاع التربية، والقطاع الديني، حيث دعّموا العربية والتعريب،ورسّخوا أكثر القيم العربية الإسلامية.
كما يعود له الفضل بتوفيق من الله في تنظيم ملتقيات الفكر الإسلامي التي كانت تنظم كل سنة، فيحضرها أحسن الدعّاة والدكاترة، والأساتذة من كل قارات العالم.علمًا وهذا للأمانة التاريخية أن فكرة الملتقيات الإسلامية وُلدت أول مرّة في بيت مالك بن نبي ، ومن خلال حلقات الفكر التي كان ينظمها..وقد نُقلت الفكرة إلى الوزير المرحوم العربي سعدوني وزير الشؤون الدينية والأوقاف حينذاك الذي تبنّى المشروع، ونُفّذ بالفعل سنة 1969، حيث عُقد أولملتقى للفكر الإسلامي في ثانوية عمارة رشيد بابن عكنون في صائفة 1969، وحاضر في الملتقى المفكرالمرحوم مالك بن نبي إلى جانب أساتذة مصريين منهم المرحوم شعراوي جمعة، وجلال كشك، والمرحوم أحمد حمّاني ، كما عُقد الملتقى الثاني للفكر الإسلامي سنة 1970 في مدرسة تكوين الأئمة بمفتاح وبعد مجيئ المرحومالأستاذ مولودقاسم على رأس الشؤون الدينية أخذت كما أسلفنا هذه الملتقيان منحنيات أخرى مع عقد الملتقى الثالث في وهران ، وحاضر فيه المرحوم علاّل الفاسي حول ما أسماه" التعادلية في الإسلام "(1)

إضافة إلى مجلة " الأصالة " التي أسسها مولود قاسم في شهر مارس 1971 وواصلت صدورها حتى شهر فبراير 1981 وصدر منها 91 عددا.
تقلد المرحوم عدة مناصب نظرا لكفاءته الفكرية والسياسية منها: عضو في اللجنة المركزية لجبهة التحرير الوطني، ومستشار الإعلام لدى رئاسة الجمهورية، رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، عضو مراسل بالمجمع العلمي السوري للغة العربية بدمشق.

ألّف كتبا في الفكر والسياسة والتاريخ منها: إنية وأصالة، بعض مآثر أول نوفمبر، شخصية الجزائر الدولية، وهيبتها العالمية قبل 1830م.الحديث عن مولود قاسم من جميع زواياه وأبعاده الإنسانية والفكرية يتطلب أكثر من ندوة وملتقى لإعطاء الرجل حقه المؤثر في الساحة الفكرية والسياسية التي برز فيها بوضوح، هذه الشخصية التي أبت إلا أن تكون وطنا بكل أبعاده الثقافية، عندما يُذكر مولود قاسم تُذكر الأصالة والمعاصرة، يُذكر الرجل المتفتح، الرجل الموسوعي ، الذي عشق اللغة العربية، وبذل الكثير من أجلها ،الرجل الذي كان يشتغل في السياسة بعقله وبقلبه، فكان السياسي المثقف، والمثقف السياسي.
(1) ـ سعد بوعقبة ـ نقطة نظام ـ صحيفة الفجر الجزائرية.العدد: 2608  يوم السبت: 09 ماي 2009
أضف الى مفضلتك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  لن تكون أية لغة "صعبة" بعد الآن بفضل هذا الاختراع الياباني الذكي كتب: بشير خلف        يُعدّ التحدث بلغة أجنبية مهارة مطلوبة ...