لشيخ العلامة محمد الطاهر التليلي القماري
بقلم: بشير خلفهذا الموضوع طريف وشيّق لكونه يتعرّض لحياة علاّمة كبير بصماته كان لها تأثير إيجابي على مدينة قمار، وفي أبنائها الذين تتلمذوا عليه في وقت عصيب ..هو زمن الاستعمار الفرنسي ..إن الشيخ تليلي أدّى رسالته التربوية والتعليمية منذ الثلاثينات حتى تقاعده في أوائل السبعينات، وما توقف، أو جبُن مثل الكثيرين، أو غادر الوطن، بل رابط مع غيره في مدرسة النجاح بقمار حتى الاستقلال، ورغم التهديد والوعيد، وخطر الاعتقال والإبعاد من طرف الاستدمار الفرنسي، فلم يركنْ ولم يبتعد، ورغم المحنة التي تعرض لها بعد الاستقلال، وتنكّر البعض من أبناء المدينة له، وضيق العيش، والحاجة المادية التي أدّت به إلى بيْع مكتبته كي يُعيل أسرته ..ولولا عناية الله تعالى بأن ساعده على إدماجه مع غيره من علماء الجزائر وأحرارها من أهل القلم من طرف وزارة التربية الجزائرية في عهد الدكتور أحمد طالب الابراهيمي لمات ميتتيْن : موتة النكران والجحود، وموتة الفقر والاحتياج..ولعلّ المقال الذي نرفقه بهذه التوطئة لكفيلٌ بتقديمه أكثر وأوضح للقارئ الكريم.
أهمية هذا المقال وطرافته تتأتّى من كونه كان بقلم المرحوم الأستاذ زغودة التجاني الصديق المقرّب للشيخ تليليوالذي قدّمه خلال ندوة فكرية نظّمها المركز الثقافي بقمار لحياة وسيرة المرحوم تليلي، وقد كنتُ شخصيا حاضرا في هذه الندوة، وتتابعت هذه المداخلة من طرف الأستاذ المرحوم زغودة.. مقالٌ ذو أهمية كبيرة لكونه يذكّرنا بعالِميْن أخلصا لهذا الوطن، وقدما له الكثير، وأفنيا عمريْهما في سبيل الدفاع عن هويته، وتنشئة أجيال ما انفكّت تواصل رسالتيْهما..اللهمّ ارحمهما، وجازهما أحسن الجزاء، واجعلهما وإيّانا من عبادك المقرّبين.
بقلم: بشير خلفهذا الموضوع طريف وشيّق لكونه يتعرّض لحياة علاّمة كبير بصماته كان لها تأثير إيجابي على مدينة قمار، وفي أبنائها الذين تتلمذوا عليه في وقت عصيب ..هو زمن الاستعمار الفرنسي ..إن الشيخ تليلي أدّى رسالته التربوية والتعليمية منذ الثلاثينات حتى تقاعده في أوائل السبعينات، وما توقف، أو جبُن مثل الكثيرين، أو غادر الوطن، بل رابط مع غيره في مدرسة النجاح بقمار حتى الاستقلال، ورغم التهديد والوعيد، وخطر الاعتقال والإبعاد من طرف الاستدمار الفرنسي، فلم يركنْ ولم يبتعد، ورغم المحنة التي تعرض لها بعد الاستقلال، وتنكّر البعض من أبناء المدينة له، وضيق العيش، والحاجة المادية التي أدّت به إلى بيْع مكتبته كي يُعيل أسرته ..ولولا عناية الله تعالى بأن ساعده على إدماجه مع غيره من علماء الجزائر وأحرارها من أهل القلم من طرف وزارة التربية الجزائرية في عهد الدكتور أحمد طالب الابراهيمي لمات ميتتيْن : موتة النكران والجحود، وموتة الفقر والاحتياج..ولعلّ المقال الذي نرفقه بهذه التوطئة لكفيلٌ بتقديمه أكثر وأوضح للقارئ الكريم.
أهمية هذا المقال وطرافته تتأتّى من كونه كان بقلم المرحوم الأستاذ زغودة التجاني الصديق المقرّب للشيخ تليليوالذي قدّمه خلال ندوة فكرية نظّمها المركز الثقافي بقمار لحياة وسيرة المرحوم تليلي، وقد كنتُ شخصيا حاضرا في هذه الندوة، وتتابعت هذه المداخلة من طرف الأستاذ المرحوم زغودة.. مقالٌ ذو أهمية كبيرة لكونه يذكّرنا بعالِميْن أخلصا لهذا الوطن، وقدما له الكثير، وأفنيا عمريْهما في سبيل الدفاع عن هويته، وتنشئة أجيال ما انفكّت تواصل رسالتيْهما..اللهمّ ارحمهما، وجازهما أحسن الجزاء، واجعلهما وإيّانا من عبادك المقرّبين.
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله رب العالمين,والصلاة والسلام على أشرف المرسلين المبعوث رحمة للعالمين وعلى أصحابه الغر المحجلين الكرام الميامين الذين جاهدوا وصبروا وصابروا ورابطوا حتى رفعوا راية الدين .
الحمد لله رب العالمين,والصلاة والسلام على أشرف المرسلين المبعوث رحمة للعالمين وعلى أصحابه الغر المحجلين الكرام الميامين الذين جاهدوا وصبروا وصابروا ورابطوا حتى رفعوا راية الدين .
السلام على هذا الجمع الفاضل الكريم ورحمة الله وبركاته, وبعد فقد أريد لي أن ألقي كلمة عن شيخ الجماعة شيخ الشيوخ وطود الرسوخ العلامة الموسوعي فقيدنا وفقيد التدقيق والتحقيق الشيخ محمد الطاهر التليلي تغمّده الله برحمته وأسكنه فسيح جنته, وقد ترددت بادئ الأمر لأنني لست من أهل هذا الشأن ولا من فرسان هذا الميدان, وقد كنت أود أن أحضر منتداكم هذا مستمعا لا متكلما ومستفيدا لا مفيدا , وإذ كان لا بد مما ليس بد . فأقول مستعينا بالله :
إن هذه القصيرة ـ و هي جهد المقل ـ في نظري قد ترونها طويلة لقصر الوقت المخصص لهذه الندوة , بل قد يراها البعض مملة , و عذري ـ إن أطلت ـ هو ما اعتذر به المتنبي في إحدى قصائده المدحية حيث يقول:
وقد أطال ثنائي طول لابسه إن الثناء على التنبال تنبال 1
هو الفقيه النبيه العالم الموسوعي الأستاذ الشيخ محمد الطاهر التليلي يقول رحمه الله : إن أسرتي انحدرت إلى سوف من بلدة فريانة قرب مدينة قفصة بجنوب تونس , وإن لقب هذه الأسرة عرف بأولاد تليل . فكل منسوب إليها يُسمى تليلي ففرع أسرتي بقمار وتاغزوت , وشجرته مغروسة بفريانة من أعمال قفصة .
انحدار هذه الأسرة إلى سوف :
وإن انحدار هذه الأسرة ـ أحد أفرادها ـ إلى سوف كان في حدود النصف الأخير من القرن الثاني عشر للهجرة ( حوالي سنة 1760م) على عهد علي باشا باي ابن محمد بن علي تركي المتوفي سنة (1169)هجرية , وقد اشتهرت هذه الأسرة قبل اليوم بأولاد سيدي تليل , ولهم زاوية بفريانة مازالت قائمة مشهورة بالعلم والتعليم , وقد تخرج منها علماء أجلاء كثيرون انتشروا في البلاد التونسية وفي الشرق الجزائري , وبهذه الزاوية ضريح الولي الصالح سيدي تليل (جد الأسرة) الذي يتصل عمود نسبه و أصل شجرته بالخليفة الثالث (ذي النورين من استحت منه ملائكة الرحمن) سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه , حسبما وجدته مثبتا في بطون التاريخ .
والذي انحدر إلى سوف من هذه الأسرة هو الشيخ الفقيه العالم أحمد التليلي ـ رحمه الله ـ وسبب مجيئه إلى قمار على ما ذكره ابن أبي الضياف في تاريخه الكبير {إتحاف أهل الزمان} أن علي باي المذكور بعث الشيخ و معه وفد من أعيان خنقة سيدي ناجي للصلح بين علي باي وبين أهالي سوف في قصة طويلة . ومثل الذي ذكره ابن أبي الضياف في تاريخه سمعته من بعض الشيوخ المعمرين من هذه الأسرة .
ويضيف الشيخ رحمه الله :
وإن الشيخ أحمد التليلي جاء من طريق الخنقة معلما و قاضيا ومن هنا وقع انبهام وغموض في تاريخ أحمد التليلي الفرياني بسوف , وفي كيفية إقامته بين ظهراني أهلها أو أهل قمار على الخصوص , فلا نعلم عن ذلك شيئا على وجه التحقيق , إلا أنه ولد له ولد ذكر اسمه قاسم التليلي وذلك سنة 1161هـ حوالي سنة 1748م. وقد وجدت تقييدات هامة للشيخ قاسم هذا ذكر فيها أشياء كثيرة من حوادث عصره , وقد ذكر عن نفسه أنه ولد في التاريخ المذكور و أنه رابحي ، وأنه نزيل قمار, و أنه تولى خطة القضاء بقمار وتاغزوت وقد وجدت له بها ـ والكلام للشيخ الطاهر ـ رسوما شرعية و عقودا محكمية عليها خطه وختمه تؤيد كلامه , وتؤكد قوله .
ويذكر القاضي قاسم التليلي ـ رحمه الله ـ أنه ولد له أبناء منهم : أحمد التليلي ومن أحمد هذا ولد عمر ومن عمر ولد الأخضر ومن الأخضر ولد بلقاسم ومن بلقاسم ولد هذا العبد ـ يعني نفسه ـ الضعيف فجدّه الأعلى أحمد المذكور هو أحد أحفاد سيدي تليل صاحب الزاوية المذكورة بفريانة ومنه إلى عثمان بن عفان كما تقدم , فهذه نبذة عن الأصل الذي نشأت منه .
وعن مولده يقول ـ رحمه الله ـ إنه ولد بقمار عند منتصف الليلة السادسة من شهر ذي الحجة سنة 1328 هجرية الموافقة لسنة 1910 ميلادية.
نشـأته وتربيتـه :
نشأ شيخنا محمد الطاهر ـ رحمه الله ـ في أسرة كريمة محافظة عاملة لدينها ودنياها , في رعاية أبيه وجده ، وكان جده رحمه الله كثير الحدب عليه والعناية به وكان من حفظة القرآن الكريم وله في العلوم الدينية والعربية نصيب لا بأس به , وكان يتوسم في حفيده الصغير مخائل النجابة والذكاء , والحفظ واستقامة الأخلاق وحسن السلوك, فكان يشرف على تربية حفيده ويعنى بتحفيظه القرآن الكريم ويشرف على ذلك بنفسه وبإشرافه ورقابته الدائمة وكما قلنا فقد كان الحفيد ذكيا قوي الحافظة فأتم القرآن الكريم في سن مبكرة وأجاد حفظه .
ثم انخرط في الدروس على شيوخ عصره واستوعب الكثير من مبادئ العلوم العربية والشرعية والأدبية التي كان يلقيها بالزاوية التجانية وبعض المساجد علماء مشهود لهم بالتعليم والتربية السلفية الإصلاحية أمثال الشيخ عمار بن لزعر والشيخ محمد اللقاني السايح رحمهما الله تعالى , الأول تزعّم الحركة الإصلاحية بقمار ثم هاجر إلى أرض الحجاز ,حيث قًُدِّر علمه وتقواه وورعه فأسند إليه التدريس بالحرم المكي وظل على ذلك إلى أن انتقل إلى رحمة الله, وأما الثاني ـ أعني الشيخ اللقاني ـ فقد استقر بتونس مدرّسا بجامع الزيتونة .كما يذكر الشيخ الطاهر أنه تلقى بقمار دروسا في العربية والبلاغة والأصول عن الشيخ الأديب الشاب محمد العزوزي حوحو ابن قاضي البلد إذ ذاك المرحوم الصادق حوحو.
يعترف الشيخ محمد الطاهر بفضل شيخه عمار بن لزعر عليه علميا وتربويا وتوجيهيا, فهو الذي نفخ فيه من روحه الإصلاحية التي أهّلته لأن يكون خليفة له بعد هجرته إلى الحجاز, يقول الشيخ محمد الطاهر:وكانت أغلب دروسي التي قرأتها في السنوات الأخيرة عليه (قبل سنة 1927أي قبل التحاقه بجامع الزيتونة بتونس) كما أنه اشتهر بقيادة حركة الإصلاح بقمار خاصة وبسوف عامة فكان مرموقا من جميع المصلحين ,غير أن ذلك كوّن له أعداء وأضدادا من الطرفين .
ويضيف منوّها بفضل جده عليه فيقول:
وكنت في بادئ أمري لما كان الجد حيا أنقل كل ما أسمعه وأفهمه من الدروس إلى الشيخ الجد وأعيده عليه, وكان يحرضّني على الحضور للدروس و إعادة ما أفهمه عليه.وقد قوي عزمه, وتحقق أمله في أن يرسلني إلى تونس لإتمام تعليمي بالزيتونة , حتى أنه أوصى والدي بأنه إذا قدّر الله له الوفاة قبل تحقيق الأمنية بإرسالي إلى الزيتونة , أن يلتزم بتحقيق أمنيته تلك , وتكون نفقة القراءة وجميع مصروفاتها كامل سنوات التعليم من مال الجد ورزقه . وكانت تلك وصية نافذة قام بها الوالد أحسن قيام , فأتممت دراستي وتحصلت على شهادة التطويع (1934) فأكمل الله بذلك أمنية الجد بعد وفاته، أثابه الله خير ثواب, وأجزل له العطية يوم الحساب .
العـودة من الزيتونـة
يُتمّ شيخنا دراسته بالزيتونة ويعود إلى مسقط رأسه قمار بعد حصوله على شهادة التطويع ـ التحصيل فيما بعد ـ وأكثر منها بما فتح الله عليه من حفظ وذكاء وفهم وذوق , واجتهاد وتقوى (واتقوا الله ويعلمكم الله).
عاد إلى بلده يحدّث نفسه وهو في طريق الأوبة : سأرجع إلي بلدي فأخدمها وأنشر فيها كل ما تعلمته وتلقيته من ثقافة ودين وشعر وأدب كما خدمها غيري وعمل لها سواي من الشيوخ القدماء والمحدثين , وليس تعليمي إلا وسيلة للنهوض بالبلـد, و إنبات النبات الحسن من الشباب الصالح المصلح, وما أنا إلا ابن من أبنائها يجب عليّ ما وجب عليهم.
ويقول رحمه الله هذه هي التعلاّت والآمال التي كانت تجول بخاطري عندما كنت في القطار في طريق عودتي إلى سوف .
فالعلم عند الشيخ أمانة ورسالة ومسؤولية وليست احترافا واكتساب مال وعيش وطيء هنيء ووجاهة وسمعة كما هو الشأن عند بعض العلماء المحترفين الذين يتخذون من علمهم مطية ووسيلة لتحقيق أغراض دنيوية ومآرب شخصية.الشيخ رحمه الله من العلماء الربانيين المجاهدين لا يبالون بالدنيا أقبلت أو أدبرت, وبالمعيشة رقّت أو خشُنت .سعادتهم في تبليغ الرسالة وأداء الأمانة نحو أمتهم ووطنهم ودينهم ، يثبتون للشدائد, ويعانون بصبر وإيمان ما تعانيه أمتهم , ويتحمّلون ما تتحمّله من نوائب ومصائب ثابتين على عقائدهم ومبادئهم , منارات هدى لأمتهم , يعلّمون الجاهل ويرشدون الضال, ويوجهون المنحرف, يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر لا يرجون من أحد جزاء ولا شكورا. وهم مع أمتهم بالتعليم والتوجيه والإرشاد , لا ينأون عن أمتهم ولا يهربون عنها في أوقات الضيق والشدائد , ونزول المواحق والصواعق بل عليهم أن يثبتوا ويصبروا معها ويصابروا ويرابطوا , تلك مسؤليتهم , وذلك ما يطلبه منهم الواجب كمستودعي أمانة , وحاملي رسالة , ومصابيح هداية ؛ إنهم ورثة الأنبياء , وفي الحديث الشريف ( علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل ) ولذلك فُضّل العالم على العابد ولذلك أيضا كان حبرهم كدماء الشهداء .
أما المحترفون من العلماء والذين اتخذوا من العلم مصيدة يبتغون به السمعة والجاه والمال بكل وسيلة فإن لم يجدوا ذلك غادروا أوطانهم إلى حيث الوجاهة و المال والراحة , فالشيخ محمد الطاهر ـ رحمه الله ـ يرى هؤلاء وأمثالهم من العلماء التجار المحترفين هاربين من ميدان المعركة خائنين الأمانة والعلم والدين تاركين أممهم في الظلمات والظلم والعسف والقهر , لا تعنيهم إلا أنفسهم وراحتهم ووجاهتهم .
وفي أمثال هؤلاء العلماء المحترفين قال الشيخ رحمه الله :
جبت لعالم فطن نبيــــه
يُعـد من الفطاحل في الدهـاء
بشعب جاهل جهلا عميقــا
لـه حق القرابة والفـــداء
وقد هرت كلاب الغرب فيـه
وأنشبت الأظافـر في الجِـداء
وباتت حوله محن تعاصــت
و أوجـاع تجل عن البكــاء
وليس له من النصحاءكثــر
و لكـن الكثير من العــداء
عجبت لعالم في مثل هـــذا
يفرّ إلى المشـارق في انـزواء
إلى أن يقول متعجبا ومنددا مستنكرا:
يفرّ إلى المشـارق في أنــاس
بدعوى الحج أو دعوى النجاء
و يجلس بعد ذلك فـي مقـام
يحدث عن جهاد أو سخــاء
ويعطي كـل نـابتة دروسـا
لتعلـوا قمة النهج الســواء
كـأن اللـه لم يخلـقــه إلا
كمداح المقـاصر في إغفــاء
أو أن الله ليـس لـه عبـاد
بأرض (الغرب) تطمـح للعلاء
ويقول :
عجبـت لعـالم يختـار هـذا
ويطمع في ميراث الأنبيــاء
ألم يعلـم بـأن الغرب خِـلوٌ
من العلماء أصحاب الإبــاء
ألم يعلـم بـأن (الغـرب)أولى
بتنويـر البصائــر و الضياء
هذه الأبيات من قصيدة طويلة عدة أبياتها نحو مائة وأربعين بيتا وهي من مطوّلاته بعث بها أحد أصدقائه بالمدينة المنورة بعنوان (الرسالة المنظومة إلى أبناء العمومة ) ومطلعها :
سـلام يمتطي أمـواج مــاء
و قد يسري على لجج الفضـاء
ومنها :
فمغربنا إذا لـم يكـن فيـه
رجـال في السياسة و الثـراء
يعززهـم رجال الديـن ردءا
كمصبـاح المنارة في العِشـاء
يذودون الأجانـب عن تـراث
من الإسلام أو عُرب الفـداء
سيصبح في الدنى مصداق قـول
يقـرّره البغـاة بـلا حيــاء
بأنـه فـي الدفاتــر (فرنسي)
(فرنسـا) أمـه ذات العطـاء
ومـا الإسـلام إلا أجـنـبي
و مـا الأعـراب إلا كالهبـاء
أيرضى من لـه عقل سليــم
ومـعرفـة بـهذا الإدعــاء
و يسمع منكر الأقــوال يتلى
ويقرأ في المـجـامع والخـلاء
و يسكت أو يفر إلى الأقـاصي
ويتـرك شعبـه نـهب الهـراء
بعد عودة الشيخ رحمه الله من الخضراء سنة 1934 , بعد أن ملأ وطابه من العلوم الشرعية و الأدبية العقلية و النقلية .بدأ مواجهة صعوبات الحياة و مشكلاتها العملية الواقعية , زوّجه أبوه من أخت زميله و رفيقه وصديقه الشيخ الحفناوي هالي و كان ذلك سنة 1935 .وإثر الزواج مباشرة أرسل إليه والده رسالة شفوية مع أحد أفراد الأسرة الأقربين , أقلقت الشيخ وأزعجته حيث وضعته أمام الأمر الواقع , مضمونها قول الوالد :أي بني لقد قمت بالواجب بل وأكثر من الواجب نحوك , ووفيتك أكثر من حقك عليّ , فربيتك وكبرتك و علمتك وزوجتك , و عن الغير أغنيتك , وحفظت عليك كرامتك فلم أتركك لاحتياج أو إهانة أو مذلة أو إراقة ماء وجهك للغير طيلة حياتك حتى هذه الغاية , وقد آن الأوان لتتحمل مسؤوليتك بنفسك معتمدا على نفسك,قائما بواجباتك , وتخفّف عني ما أثقل كاهلي منذ سنين , فمذ الآن اعتمد على نفسك وتوكل على الله , وابحث عن عمل يعيلك وأهلك , أو حرفة تعيشك , ولاتكن كلاًّ عليّ ولا على أحد من الناس , فابحث لنفسك عما يعيش أو يريش . ولا تكن ريشة بين الريش ـ حسب تعبير الشيخ رحمه الله ـ .
وهنا بدأت محنة الشيخ وصراعه العنيف مع الفقر وكسب قوت العيال , وكانت آفاق الكسب والاكتساب وقتئذ و أمام أمثاله من الشباب إن لم تكن مغلقة تماما فهي شبه مغلقة , مما اضطره ـ حفاظا على كرامته وأنفته وعلو همته وعفته ـ إلى الأعمال الجسيمة الشاقة كرفع الرمل والعمل في المزارع كأجير، أو ممارسة بعض التجارات البسيطة التي لا تدرّ مالا ولا تحسن حالا , وأحيانا يضيق به الحال فيضطر إلى بيع كتبه ولما خاطبته زوجته في ذلك أنشأ يقول :
قالت و أبـدت صفحـة
كالشمس من تحت القناع
بعت الدفاتر! وهي آخـر
مـا يبـاع من المتــاع
فأجبتها ويدي على كبدي
و همّـت بـانصــداع
لا تعجــبي مما رأيـت
فنحـن في زمن الضيـاع
و أما شيخنا ـ رحمه الله ـ فقد أصابه مثلما أصاب الشيخ المهدوي فعضه الدهر بنابه و لم يرع حرمة جنابه فقال :
بعتك اليــوم يـا كتابي إني
لعليـم بأن مـا فيك ترسـي
بعتك اليوم يـا ضحيـّة فقـر
نال مولاك في أوائـل عرسـي
عالني الدهر وهو غول أكـول
لم يدع لي ولـو شجيرة خـس
مسني الفقر و هو داء عضـال
بعذاب و لا كشيطـان مـس
فكتمت الأمريـن فقرا و ضرا
عن صديق وعـن عدو أخـس
بعتك اليوم يـا كتابي وأمـس
بعت ما عزّ من فراش و كـرس
بعتك اليوم يـا فـداء صغـار
أسْكتَ الدهر منهم كل حـس
عضني الدهر يا كتـابي بنـاب
فعضضت الكتاب كرها بضرس
بعتك اليوم كي أقوت صغـارا
وأعول الكبار أمي و عِرسـي
لا تلمني فللضـرورات حـال
يا كتابي تخزي النفوس و تخسي
كل هـذا عملتـه في خفــاء
دون عرضي و ما درى أي إنس
وتـمثّـلت عنـد ذاك بيتــا
قاله البحتري في مدح فُــرس
صنت نفسي عما يدنس نفسـي
و ترفّعت عن جدا كل جبـس
فيا لله للنفوس الكبيرة , والهمم العالية ! .
ومع ذلك , ورغم كل ذلك , كان شيخنا ينشر العلم ما استطاع , و يثير العزائم و ينشر مبادئه الإصلاحية السلفية ولواعج نفسه الوطنية , فالتف حوله بعض الطلبة , وبعض ذوي النفوس الطاهرة الزكية مما جعله محل مراقبة و إزعاج من طرف أذناب السلطة الاستعمارية التي رأت فيه خطرا على وجودها واستقرارها و تمثل ذلك في الحاكم المحلي (القايد) و أعوانه و جلاوزته الذين كانوا يراقبونه من مغداه إلى رواحه , و يحصون عليه حركاته و سكناته و ينقلون عنه كل شاردة و واردة إذ أصبح يمثل عندهم خطرا على الأمن بمفهومه الاستعماري حتى آل الأمر بالقايد أن يهدده صراحة و يعلن ضده حربا شعواء و ينذره بأوخم العواقب , وبلغ بخصومه الحال حتى أنه لما استقرض مبلغا من المال فتح به حانوتا بالسوق خوّفوا الناس منه , وتوعّدوا بالشر لمن يخالطه أو يتصل به أو حتى يحادثه أو يدخل حانوته ،وما زالوا به حتى أرغموه على غلق الحانوت و تصفية تجارته ومورد رزقه ورزق عائلته , بل حتى اضطروه إلى الخروج من البلدة و هجرتها إلى بعض الضواحي البرية بعيدا عن الاختلاط بالناس أو الاتصال بهم , وانفض الناس من حوله خوفا من أن ينالهم من الاقتراب منه أذى من السلطة المسيطرة،و صار كحال النابغة حين تهدده النعمان والتي عبر عنها بقوله :
فلا تتركني بالوعيـد كأننـي
إلى الناس مطليّ به القار أجرب
من الذكريات:
نشأتُ وترعرعت بمدينة بنزرت من البلاد التونسية حيث هاجر والدي رحمه الله ،وفي صيف سنة 1940 ولأول مرة في حياتي جئت البلد لزيارة أهلي و أقاربي بها حيث قضيت بها شهرا , وكانت إقامتي عند قريب لي بمزارع (الهود ) بحيث كنا لا ننزل إلى البلد إلا يوم الجمعة للاتصال والتسوق وتفقد المنزل , وكانت البلد لا تعمر إلا يوم الجمعة وأما في بقية أيام الأسبوع فتبدو خالية موحشة لأن جلّ السكان يرتحلون إلى الغيطان.
في تلك الفترة تعرفت على الشيخ الطاهر , وكان رحمه الله يعرف عنّي أكثر مما كنت أعرف عنه , ( إذ هو قريبي من الأم حيث أن والدته عليها رحمة الله هي بنت الحاج عمار و عبد الله هذا هو شقيق جدي إبراهيم ابن الحاج عمار ولقب الجميع (زغودة) وهو لقب وضع لنا عند ضبط الحالة المدنية سنة 1934 ) .
وفي صباح يوم السوق ـ الجمعة ـ كنا نجلس في رُكَيْن من حوانيت للمرحوم الأخضر سلطانة , وكان الأخضر هذا من محبي الشيخ و على عاميّته فقد كان من محبي الحركة الإصلاحية و مناصريها , وكنا أثناء جلوسنا ذاك نقرأ ما يقع تحت أيدينا من صحف جزائرية أو تونسية و مجلات علمية , وكان من عادة الشيخ رحمه الله أنه يحب من يقرأ عليه , ويفضّل ذلك على قراءته لنفسه , وكانت جلستنا علمية أدبية ,ولكن جلاوزة القايد لم تغفل عنا فأبلغت (جريمتنا) إلى (القايد) فاستدعاني إلى مكتبه و بأسلوب دبلوماسي مهذّب لطيف وفي صورة نصيحة طلب مني الكفّ عن هذا الصنيع و عن الاتصال بالشيخالطاهر الذي هو مشبوه خطر في نظر الإدارة . ومن جملة ما قاله لي :إن مثل هذا الاجتماع يعتبر ممنوعا في نظر السلطة العسكرية الحاكمة , وأن الحرية التي أَلِفْتَها في تونس لا وجود لها هنا , وأنا أخشى ما أخشاه عليك أن ينالك مس من بطش السلطة , و إني أريد لك السلامة وطيب الإقامة حتى تعود إلى مستقرك بتونس آمنا سالما .
ومن الذكريات أيضا أنني عندما عدت من تلك الزيارة إلى مستقري ببنـزرت حرّرت مقالة ضمنتها نقد الأوضاع السائدة بسوف وتهجمت فيها على الطرقية بلهجة شبابية ساذجة ووجهت بمقالي تلك إلى جريدة (البصائر) فتفضلت بنشرها ببعض أعدادها ولما اطلع عليها الطرقيون والسلطة المحلية , هالهم أمرها , وعلى الرغم من أنها صدرت بإمضائي الصريح فقد استدعى (القايد) الشيخ الطاهر ـ رحمه الله ـ وحمّله مسئوليتها , وهدده وتوعده , وقال له إنها بإيعازك إن لم تكن من إملائك ,وفي ذلك يقول الشيخالطاهر في معرض حديثه عن مضايقات (القايد) وتهديداته المتواصلة له : أعلمني القايد باسم حاكم المنطقة العسكري زيادة على ما سبق من تهديد و وعيد أني المسؤول الوحيد عن كل تشويش و تحريش في هذه القرية وأن عيون الحكومة لك بالمرصاد لا تنام عنك ليل نهار ,( وعيون الحكومة عندنا هم كل أفاك أثيم , وعتل زنيم , يخترع التهمة والعلة , و يزيد على الطين بلة )؛
لـي حيـلـة فيمن ينـم
و ليس في الكذاب حيلـة
مـن كـان يخلق ما يقـول
فـحيـلتي فيـه قليلــة
ثم يقول رحمه الله :
اجتمعت علي ثلاث عوامل للشر : الحكومة( يقصد الحكام المحليين ) و تخويفاتها، و أوباش البلدة و افتراءاتها ،و ضعفاء العقول من أهل الصلاح و تخاذلهم فيما بينهم , فقلت :
فلو كان رمـحا واحدا لاتقيته
ولكنه رمح ثـان و ثـالـث
إذا كتب كاتب في جريدة مثل البصائر و لو كان الكاتب من بنزرت في البلاد التونسية كتب في الطريقة التجانية مثلا , و لو كان اسمه تحت مقالته لابد أن يكون الكاتب (أنا) في نظرهم , وإذا تكلّم مصلح في بلدة (الرقيبة) مثلا فلا شك عندهم أني أنا لقنته.وإذا ظهر منشور في القرية فلا جرم أني موزعه،وإذا طلع علينا عدد من مجلة ( الشهاب ) يحمل مقالا لا يرضي الحكومة فـ (أنا) الذي جلبت ذلك العدد , وهكذا حتى ضقت بوجودي بين أهالي هذه القرية , واضطررت إلى العزلة في البيت، الفارغ من الخبز والزيت , وعدت إلى التراب وحمله , وإلى (الكاف) و رمله , فاتخذت الخلوة (هود أميهه صالح ) , واعتزلت كل طالح من القرية و صالح , وقضيت في خلوتي تلك ما يزيد عن السنة .
ومعذرة عن الإطالة , والحديث عن الشيخ رحمه الله ذو شجون. والرجاء أن تتيحوا لي فرصة لأقرأ عليكم بعض مقتطفات من شعر هذا الرجل العظيم الذي قلّما يجود الزمان بمثله , فهو فريد عصره ومصره , تزيدكم تلك المقتطفات معرفة بتفكيره وشعوره وعواطفه و صلة كل ذلك بهموم مجتمعه في العهد الاستعماري البغيض , لتزدادوا له تقديرا , وليزداد شبابنا الذي نشأ في ظل نعمة الاستقلال وظلاله الوارفة و عيشه الهنيء تقديرا و إجلالا لتضحيات أولئك الرجال من الوطنين المجاهدين الشهداء الذين باعوا أنفسهم رخيصة في سبيل إنقاذ هذا الوطن وانتزاعه من قبضة وبراثن الطغاة البغاة , فلتحافظوا على هذه الأمانة و لترعوها حق رعايتها فإنها أمانة الشهداء في أعناقكم .
من أخلاق الشيخ:
حباه الله تعالى بسجايا ومزايا وأخلاق عالية موهوبة لا مكسوبة قلما تجتمع لغيره.فهو عظيم من أي جانب نظرت إليه ،أوتي ذاكرة أمينة وحافظة واعية وذكاء حادا،وبصيرة نافذة وعقلا راجحا.وجديّة صارمة،ومن أبرز صفاته:الإباء وعلو الهمة،والصدق في القول،والإخلاص في العمل ،والنفور من حب الظهور لعلمه أن حب الظهور محبط لثواب الأعمال وقاصم للظهور،والإخلاص التام والنصح لكتاب الله وسنة نبيه ولخاصة إخوانه المسلمين وعامتهم يتجلى كل ذلك في حسن إسلامه وصدق وطنيته فقد عاش مجاهدا بلسانه وقلمه ،بنثره وشعره،بسلوكه وعمله،في سبيل إعزاز دينه ورفع شأن وطنه.لا يطلب من دنياه إلا الكفاف الذي يحفظه من الإسفاف.
من صفاته الحميدة:الثبات على المبدأ والعقيدة لا يساوم ولا يزايد في ذلك مهما كلّفه الأمر ومهما ناله من أذى وكلفة من مشاق وأتعاب ،صابرا محتسبا،لا يلين ولا يهن ولا يتبرّم ولا يشكو لأحد،وإنما يبث ألمه وحزنه إلى الله وحده.وربما جاشت نفسه في بعض أحايين المحن والأذى فيلجأ إلى القلم والقرطاس يودعه بعض أشجانه وأحزانه في قوالب شعرية.
ومن صفاته التي أنسناها منه نكران الذات ؛فهو على علمه وفضله وتدينه وسلفيته ووطنيته الصادقة لا يتظاهر بذلك ولا يتبجح به،ولا يرى لنفسه فضلا على غيره.
ومن فضائله الصدق مع نفسه ومع الناس في أقواله وأعماله ؛فظاهره باطنه،وباطنه ظاهره،حريص على ما ينفع وطنه ومواطنيه ويرفع من شأنهم،ويسدد من خطاهم دينا ودنيا،يتألم لما هم فيه من خمول و جمود وتخلّف.وفي (دموعه السوداء) الذي كان يبثه أفراحه وأحزانه وآلامه وآماله وأشواقه وأمانيه وجماع ما تختلج به نفسه خير دليل وأوضح برهان على ما نقول.
ومن فضائله التي كرس لها حياته و انفق فيها رصيد عمره الطويل العامر سعيه الدؤوب على نشر العلم الصحيح و الحث على تحصيله و محاربة البدع والخرافات وكل ما يعوق مسيرة الأمة في مسالك النهوض و التقدم و التحرر والعزة و الكرامة ، كما كان رحمه الله حريصا على تكوين جيل صالح عامل مجاهد يدافع عن كرامة الوطن و ينقذه من مخالب الاستعمار الذي كان يحاول جاهدا وبكل الوسائل ـ ترغيبا و ترهيبا ـ أن يمسخ هذه الأمة بالقضاء على مقوماتها الأساسية من دين ولغة وتاريخ ليجعل منها قطعانا من العبيد الأذلاء ، يسيّرهم كيف يشاء ويستغلهم كيفما يريد .
كان رحمه الله يعتبر نفسه حامل أمانة ، وصاحب رسالة: … فعلّلت نفسي في طريق الإياب إلى البلد بأنني سأرجع إلى بلدي فأخدمها ، وانشر فيها كل ما تعلمته وتلقيته من ثقافة ودين وآداب ، كما خدمها غيري وعمل لها سواء من الشيوخ القدماء أو المحدثين ، وقلت ـ في نفسي ـ ليس تعلّمي إلا وسيلة لتعليمي وما تعليمي إلا وسيلة للنهوض بالبلاد ، وإنبات النبات الحسن من الشباب الصالح المصلح ، و النخبة المختارة ، و الزبدة و العصارة التي بها تسمو البلاد ، وعليهم تعتمد،وما أنا إلا ابن من أبنائها يجب عليَّ لها ما وجب عليهم .
ومن فضائل فقيدنا إدراكه العميق لقيمة الوقت وأهميته في حياة الإنسان وحرصه على استغلاله فيما ينفع أو يفيد أنه يستثقل زائره إذا جاءه لمجرد الحديث و الثرثرة ويرى ذلك الزائر جانيا عليه ، قاتلا لوقته ، صارفا له عمّا هو فيه من تأليف أو تصنيف أو مراجعة أو تصحيح و تنقيح أو ذكر أو تأمّل.ومع ذلك فإنه يؤثر الصمت عن الكلام فيما لا يهمه ولا يعنيه . ويمنعه حياؤه أن يجابه زائره بما في نفسه يخفيه.
ومن فضائله الورع و الزهد في متاع الدنيا و زينتها ومناصبها ، حتى أنه عرضت عليه مناصب عديدة سامية فرفضها ، اسمَعْ إليه وهو يسجل في مذكراته ووقائع حياته : في ( 26 ) جويلية سنة ( 1966 ) عقد اجتماع عام للمجلس الإسلامي الأعلى بوزارة الأوقاف بحيدرة ( الجزائر ) وكانت النتيجة أن ألِّفَتْ لجان متعددة : واحدة للفتوى وأخرى للتوجيه ، وثالثة للثقافة ، ورابعة للتنسيق ، وخامسة للعلاقات الخارجية ، بعدما سجل اسمي في عضوية هذا المجلس من دون علم مني ، فرفضت المشاركة في العضوية و التوجيه جريا على عادتي في الهروب من الرسميات ، ومن الظهور في المجتمعات أو من بين الشخصيات تأمل جيدا قوله ( جريا على عادتي ) .
ومن خلقه الذي شب وشاب عليه صدق الوعد ، والوفاء بالعهد ، كلفه ذلك ما كلفه ومن فضائله الملموسة أنه لا يحب أن يكون لأحد عليه يد أو فضل ، وإن كان ذلك فإنه يجازي عليه بما يكافئه من شكر و تقدير و اعتراف فيرسل الاعتراف من رصيد الشعر ، إذ لا مال عند الشيخ ، وفي ديوانه( الدموع السود ) العديدة من الأمثلة على ما نقول ، فهو في ذلك على حد قول المتنبي :
لا خيل عندك تهديدها ولا مال.
أكتوبر 2nd, 2009 at 2 أكتوبر 2009 3:58 ص
أكتوبر 4th, 2009 at 4 أكتوبر 2009 6:23 م
الف شكرا على اسهاماتك و اطال الله في عمرك
يناير 7th, 2010 at 7 يناير 2010 3:16 م