بمناسبة
اليوم العالمي للغة الأم
تنظيم
ندوة فكرية حول السوق اللسانية في الجزائر
قدم
أستاذ كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة عباس لغرور بخنشلة بن غالية معتز بالله
ندوة فكرية بدار الثقافة علي سوايعي بخنشلة تحت عنوان "السوق اللسانية في الجزائر:
وضعية اللغات في الجزائر بين العرض والطلب" وذلك بمناسبة اليوم العالمي للغة الأم
الذي يصادف 12 فيفري من كل سنة.
حيث
أشار بداية إلى أن المنظمة العالمية للعلوم والثقافة اليونيسكو تعتبر أن اللغات تندرج ضمن التراث الثقافي اللامادي
للإنسانية، وتشير نفس المنظّمة إلى أن ما يقارب
50 % من لغات العالم مهددة بالزوال، إذ أحصى الخبراء والمختصون اختفاء 24 لغة سنويا
على مستوى العالم، الأمر الذي يستدعى دق ناقوس الخطر، حيث أن استمرار الوضع على ما
هو عليه الآن سيقود لاختفاء 90 % من لغات العالم مع نهاية هذا القرن.
كما أن علماء
اللسانيات جدّ منشغلين بهذه الظاهرة، لأنهم يعتبرون انقراض أي لغة في أي بقعة من بقاع
العالم خسارة للثقافة العالمية، إذ أن هذه اللغة يمكن أن تحتوي على ظواهر لسانية نادرة
لا تتوفر عليها غيرها من اللغات، لذا سطرت المنظمة عديد البرامج لإدراج ، حفظ ودراسة
اللغات المهددة بالزوال.
فاللغة
وإن كان من السهل تعريفها بأنها مجموعة من الرموز الصوتية التي تقاعد واصطلح عليها
شعب من الشعوب للتعبير عن مكنونات نفسه وتطلعاته ونظرته لما حوله، تبقى ظاهرة إنسانية
في غاية التعقيد، نظرا لتداخل النفسي بالاجتماعي الثقافي والسياسي بالأيديولوجي في
التعاطي معها .
وبالنسبة
للتاريخ اللساني للجزائر هو تاريخ التعدد اللغوي ، تاريخ تعايش وتفاعل بين لغات مختلفة،
بل لا غرو إن قلنا أن منطقة الشمال الإفريقي عموما والجزائر خصوصا من المناطق القليلة
في العالم التي لم يسجل لنا التاريخ أن مجتمعاتها كانت أحادية اللسان، بل إنها وليوم
الناس هذا تمنح مشهدا قل وجوده في الجغرافيا اللسانية للعالم، بوضعية لسانية جد معقدة
تتميز بتعدد ألسن المجتمع لكن أيضا ازدواجية التعامل مع هذا المشهد من قبل الدولة التي
تعرف عن نفسها بأحادية اللغة.
وبالتدقيق
أكثر في المسألة من الناحية السوسيو- لسانية
سنلفي الجزائر تتوفر على سوق لسانية تتجابه وتلتقي بل وتتعايش فيها أربعة لغات
مختلفة وبوضعيات رسمية ومؤسساتية مختلفة أيضا، وقد ركز المحاضر على وضعية اللغة الأمازيغية
والتي ارتقت لمرتبة لغة وطنية وفق التعديل الدستوري لـ 08 أفريل 2002، إلا أن وضعيتها
في السوق اللسانية الجزائرية تظل محل تساؤل من ناحية الاستعمال كلغة يومية، من ناحية الإنتاج العلمي والأدبي، من ناحية التدريس
خاصة في منطقة الأوراس ومن ناحية استعمالها في وسائل الإعلام المختلفة.
وقد
لاقت هذه الندوة الفكرية استحسانا من طرف الطلبة والمهتمين بالشأن الذين أثروا النقاش
طيلة الأمسية ليخصوا لنتيجة أن تطوير تمازيغت وإدراجها في المنظومة التربوية من شأنه إخراج هذه اللغة من مرحلة المشافهة التي ظلت حبيستها
منذ القديم، ومن شأنه إنشاء توازن في المنظومة التربوية بإنشاء جيل متعلم ومتشبع بقيم
التعددية والروح الوطنية. كما أن إقرار نظرية لسانية وسياسة وطنية لتطوير تمازيغت يعتبر أكثر من ضرورة اليوم، بغاية
إصلاح ما أفسدته الممارسات السابقة، وهذا الأمر الذي يعتبر أكثر من حق للناطقين بالأمازيغية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق