الشيخ محمد الطاهر التليلي وجهوده
في البحث الفقهي والإفتاء
قراءة في كتاب:
بشير خلف
صدر أخيرا للدكتور الباحث والمؤلف إبراهيم رحماني الأستاذ بالمركز الجامعي بالوادي كتاب متوسط الحجم في 126 صفحة عن مطبعة صخري بمدينة الوادي بعنوان:" الشيخ محمد الطاهر التليلي وجهوده في البحث الفقهي والإفتاء"..كتاب حسنُ الإخراج واضح الكتابة، جيّد الترتيب والتنسيق..
مكوّنات الكتاب
بعد الإهداء الموجه إلى روح العلامة المترجم له، والمقدمة قسم الدكتور رحماني كتابه إلى ثلاثة مباحث:
1 ـ المبحث الأول:أضواء على سيرة الشيخ محمد الطاهر التليلي، وفيه لمحة وافية عن حياة الشيخ، وسيرته العلمية والعملية، وتطرُّقٌ إلى نسبه، مولده، أسرته، دراسته،أعماله، وظائفه،فضائله، وفاته، ثم آثاره.
2 ـ المبحث الثاني:منهج الشيخ التليلي في البحث والإفتاء، وفيه لمحة في وصْف مخطوط " المسائل الفقهية"، ثم تناول المؤلف الملامح العامة لمنهج البحث الفقهي عند الشيخ التليلي.
3 ـ المبحث الثالث: نماذج من فتاوي الشيخ التليلي..في هذا المبحث تطرق المؤلف إلى عرْض مجموعة مختارة من الفتاوي والتوثيق، والتعليق عليها.
وممّا جاء في مقدمة الكتاب:
كل الأمم تُولي أهمية بالغة بسِــيَر علمائها، ونوابغها، وكان للأمة الإسلامية في تاريخها الطويل احتفاء خاص بالعلم وأهله، ذلك أن رسالة الإسلام قائمة كما هو معروف على العلم والمعرفة منذ نزول أول آية من القرآن الكريم، وبناء على ذلك احتفظت ولا تزال وستبقى ذاكرة الأمة الإسلامية بمآثر الأعلام، وسجلت منذ فجر التدوين أخبارهم موثّقة بسندها، وفي هذا كله تمجيد واعتراف لهم بالفضل، وفيه دعوة للأجيال القادمة لتنسج على منوالهم.
ولقد سايرت الجزائر موكب العلم والحضارة، فكانت على مرّ السنين كلما تيسّرت لها الأسباب اهتزّت وربت، وأنبتت من كل زوج بهيج، وعلى مدار التاريخ الإسلامي كانت الجزائر مقرّا لاستقرار العلوم النظرية؛ إذ تحفظ لنا المجموعات التاريخية الكبرى لابنخلدون، وابن مريم، وابن فرحون، وأحمد بابا، والسخاوي، وغيرهم بتاريخ سير الحركة العلمية بالجزائر ضمْن تراجم طائفة كبيرة من نوابغ العلماء، وأرباب القرائح.
ومن المناطق الجزائرية التي حظيت بنصيب وافر من الأعلام في مختلف العلوم والمعارف العربية والإسلامية في الفكر، والثقافة، والأدب على مدار التاريخ منطقة" وادي سُوفْ " ذلك أن المعهود عن المجتمع السوفي منذ الفتح الإسلامي للمنطقة أنه من أكثر المجتمعات اهتماما بنشر العلم، ولئن بدأ بسيطا ومحدود الأثر أول الأمر، إلاّ أنه تطوّر واتسع نطاقه وأثره مع مرور الزمن.ولقد أسهم أعلام وادي سوف في مختلف الأنشطة الفكرية والأدبية، وبرع فيهم نخبة ممتازة تعدّى أثرها الطيب حدود القطر الجزائري.
ومن الأعلام المغمورين، والمصلحين الذين آثروا الابتعاد عن الأضواء العلاّمة الشيخ محمد الطاهر التليلي(1910- 2003 م) الذي قال فيه المؤرخ الدكتور أبو القاسم سعد الله ما يلي:«جمع الشيخ تليلي أطراف العلم بمعناه الواسع، فقد عاش في مرحلة الموسوعات والمعارف العامة، لذلك كان عميق المعرفة بالقرآن الكريم وعلومه، والحديث الشريف وفروعه، والفقه وأصوله، وآراء المفسرين؛ وكذلك كان واسع المعرفة بالأدب وفنونه، والفرائض والفلك، والتاريخ والتراجم.وكان حاضر البديهة، ولكنه مع ذلك لا يتسرّع في الإجابة، وكان قويّ الذاكرة حتى آخر أيام حياته، حافظًا للمسائل والمتون، والشواهد والآيات القرآنية كأنه يستظهرها لتوّه…»
أهمّية الكتاب
الكتاب قيّمٌ جدا لِما يحتويه من ترجمة وافية لسيرة المرحوم العلاّمة الشيخ التليلي التي كانت حافلة في وقت كان مخاض الجزائر يُنذر بتحركات سياسية وطنية تعبّر عن التمهيد للثورة الجزائرية، هذه التحركات التي ساهم فيها أعلام الجزائر بفعالية في نشْر العلم، وإيقاظ الهمم ومنهم الشيخ التليلي..إن القارئ العابر للكتاب يكتشف هذه الشخصية المرموقة في منطقة وادي سوف كعالم فقهي، وكمربّي أجيال،وكمدير لمدرسة النجاح بقمار التي واصلت رسالتها بفضل حنكة الرجل حتى الاستقلال، وتخرّج منها العشرات على يديْه، وأيادي زملائه الآخرين، وكغارس للغة العربية، وكمرسخ للهُويّة الوطنية في زمن كان الاستعمار الفرنسي بعصاه الغليضة لا يرحم منْ يقترب من هذه المعالم الرئيسة للأمة الجزائرية..
كما أن الدّارس للكتاب بعمق،والمتتبّع لمحتواه سيكتشف أعلامًا آخرين تربطهم بالشيخ تليلي روابط المعرفة التقوْا به، أو أخذ عنهم، أو تأثر بهم أو زامنهم وهم كُثٍّرٌ في الكتاب ترجم لهم المؤلف في هوامش صفحات الكتاب مثل: المؤرخ السوفي محمد العدواني،خليفة بن حسن القماري،الهاشمي الشريف الثائر الصوفي المؤرخ الفقيه إبراهيم العوامر، الشاعر الشهيد محمد الأمين العمودي، العلامة المصلح عمار بن عبد الله لزعر، الفقيه المفسر محمد الطاهر لعبيدي، الشاعر المصلح محمد العيد آل خليفة، العالم المصلح عبد القادر الياجوري، العالم المصلح خيران علي بن ساعد، الحفناوي هالي، زغودة التجاني.
إبراهيم رحماني من القلائل في ولايتنا ممّن أنذروا أنفسهم للتأْليف في القضايا الإسلامية والتاريخية، وهو ما نأمله في بقية الأساتذة والباحثين كي يفيدوا بعلمهم، وتخصصاتهم هذه الأمة ..فالمعرفة الحقّة ما ساندها التدوين والتوثيق.
في البحث الفقهي والإفتاء
قراءة في كتاب:
بشير خلف
صدر أخيرا للدكتور الباحث والمؤلف إبراهيم رحماني الأستاذ بالمركز الجامعي بالوادي كتاب متوسط الحجم في 126 صفحة عن مطبعة صخري بمدينة الوادي بعنوان:" الشيخ محمد الطاهر التليلي وجهوده في البحث الفقهي والإفتاء"..كتاب حسنُ الإخراج واضح الكتابة، جيّد الترتيب والتنسيق..
مكوّنات الكتاب
بعد الإهداء الموجه إلى روح العلامة المترجم له، والمقدمة قسم الدكتور رحماني كتابه إلى ثلاثة مباحث:
1 ـ المبحث الأول:أضواء على سيرة الشيخ محمد الطاهر التليلي، وفيه لمحة وافية عن حياة الشيخ، وسيرته العلمية والعملية، وتطرُّقٌ إلى نسبه، مولده، أسرته، دراسته،أعماله، وظائفه،فضائله، وفاته، ثم آثاره.
2 ـ المبحث الثاني:منهج الشيخ التليلي في البحث والإفتاء، وفيه لمحة في وصْف مخطوط " المسائل الفقهية"، ثم تناول المؤلف الملامح العامة لمنهج البحث الفقهي عند الشيخ التليلي.
3 ـ المبحث الثالث: نماذج من فتاوي الشيخ التليلي..في هذا المبحث تطرق المؤلف إلى عرْض مجموعة مختارة من الفتاوي والتوثيق، والتعليق عليها.
وممّا جاء في مقدمة الكتاب:
كل الأمم تُولي أهمية بالغة بسِــيَر علمائها، ونوابغها، وكان للأمة الإسلامية في تاريخها الطويل احتفاء خاص بالعلم وأهله، ذلك أن رسالة الإسلام قائمة كما هو معروف على العلم والمعرفة منذ نزول أول آية من القرآن الكريم، وبناء على ذلك احتفظت ولا تزال وستبقى ذاكرة الأمة الإسلامية بمآثر الأعلام، وسجلت منذ فجر التدوين أخبارهم موثّقة بسندها، وفي هذا كله تمجيد واعتراف لهم بالفضل، وفيه دعوة للأجيال القادمة لتنسج على منوالهم.
ولقد سايرت الجزائر موكب العلم والحضارة، فكانت على مرّ السنين كلما تيسّرت لها الأسباب اهتزّت وربت، وأنبتت من كل زوج بهيج، وعلى مدار التاريخ الإسلامي كانت الجزائر مقرّا لاستقرار العلوم النظرية؛ إذ تحفظ لنا المجموعات التاريخية الكبرى لابنخلدون، وابن مريم، وابن فرحون، وأحمد بابا، والسخاوي، وغيرهم بتاريخ سير الحركة العلمية بالجزائر ضمْن تراجم طائفة كبيرة من نوابغ العلماء، وأرباب القرائح.
ومن المناطق الجزائرية التي حظيت بنصيب وافر من الأعلام في مختلف العلوم والمعارف العربية والإسلامية في الفكر، والثقافة، والأدب على مدار التاريخ منطقة" وادي سُوفْ " ذلك أن المعهود عن المجتمع السوفي منذ الفتح الإسلامي للمنطقة أنه من أكثر المجتمعات اهتماما بنشر العلم، ولئن بدأ بسيطا ومحدود الأثر أول الأمر، إلاّ أنه تطوّر واتسع نطاقه وأثره مع مرور الزمن.ولقد أسهم أعلام وادي سوف في مختلف الأنشطة الفكرية والأدبية، وبرع فيهم نخبة ممتازة تعدّى أثرها الطيب حدود القطر الجزائري.
ومن الأعلام المغمورين، والمصلحين الذين آثروا الابتعاد عن الأضواء العلاّمة الشيخ محمد الطاهر التليلي(1910- 2003 م) الذي قال فيه المؤرخ الدكتور أبو القاسم سعد الله ما يلي:«جمع الشيخ تليلي أطراف العلم بمعناه الواسع، فقد عاش في مرحلة الموسوعات والمعارف العامة، لذلك كان عميق المعرفة بالقرآن الكريم وعلومه، والحديث الشريف وفروعه، والفقه وأصوله، وآراء المفسرين؛ وكذلك كان واسع المعرفة بالأدب وفنونه، والفرائض والفلك، والتاريخ والتراجم.وكان حاضر البديهة، ولكنه مع ذلك لا يتسرّع في الإجابة، وكان قويّ الذاكرة حتى آخر أيام حياته، حافظًا للمسائل والمتون، والشواهد والآيات القرآنية كأنه يستظهرها لتوّه…»
أهمّية الكتاب
الكتاب قيّمٌ جدا لِما يحتويه من ترجمة وافية لسيرة المرحوم العلاّمة الشيخ التليلي التي كانت حافلة في وقت كان مخاض الجزائر يُنذر بتحركات سياسية وطنية تعبّر عن التمهيد للثورة الجزائرية، هذه التحركات التي ساهم فيها أعلام الجزائر بفعالية في نشْر العلم، وإيقاظ الهمم ومنهم الشيخ التليلي..إن القارئ العابر للكتاب يكتشف هذه الشخصية المرموقة في منطقة وادي سوف كعالم فقهي، وكمربّي أجيال،وكمدير لمدرسة النجاح بقمار التي واصلت رسالتها بفضل حنكة الرجل حتى الاستقلال، وتخرّج منها العشرات على يديْه، وأيادي زملائه الآخرين، وكغارس للغة العربية، وكمرسخ للهُويّة الوطنية في زمن كان الاستعمار الفرنسي بعصاه الغليضة لا يرحم منْ يقترب من هذه المعالم الرئيسة للأمة الجزائرية..
كما أن الدّارس للكتاب بعمق،والمتتبّع لمحتواه سيكتشف أعلامًا آخرين تربطهم بالشيخ تليلي روابط المعرفة التقوْا به، أو أخذ عنهم، أو تأثر بهم أو زامنهم وهم كُثٍّرٌ في الكتاب ترجم لهم المؤلف في هوامش صفحات الكتاب مثل: المؤرخ السوفي محمد العدواني،خليفة بن حسن القماري،الهاشمي الشريف الثائر الصوفي المؤرخ الفقيه إبراهيم العوامر، الشاعر الشهيد محمد الأمين العمودي، العلامة المصلح عمار بن عبد الله لزعر، الفقيه المفسر محمد الطاهر لعبيدي، الشاعر المصلح محمد العيد آل خليفة، العالم المصلح عبد القادر الياجوري، العالم المصلح خيران علي بن ساعد، الحفناوي هالي، زغودة التجاني.
إبراهيم رحماني من القلائل في ولايتنا ممّن أنذروا أنفسهم للتأْليف في القضايا الإسلامية والتاريخية، وهو ما نأمله في بقية الأساتذة والباحثين كي يفيدوا بعلمهم، وتخصصاتهم هذه الأمة ..فالمعرفة الحقّة ما ساندها التدوين والتوثيق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق