الثقافة "الورقية" للنخبة الجزائرية وراء غيابها عن مواقع التواصل الاجتماعي
لو طرحنا سؤالا على أي جزائري إن كان لديك فايسبوك؟ سيجيب بنعم.. لكن ما إن نسأل عن التويتر فعلامات التعجب تبدو بادية على الوجوه وقلة هم الذين يستعملون موقع التواصل الاجتماعي تويتر في الجزائر والذي يبقى موقعا نخبويا وحكرا على القلة من المثقفين، مقارنة بالفايسبوك الذي أضحى موقعا شعبويا ومزارا لكل الفئات.
هذا ولا يزال السياسيون ورجال الدين والمفكرون الجزائريون غائبين عن التويتر ويغردون خارج السرب مقارنة بالشخصيات السياسية في العالم أو حتى الدول العربية المجاورة؟ ما يدعو لطرح عدة تساؤلات؟
وفي هذا السياق تشير آخر دراسة حول انتشار مواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي وعلى وجه الخصوص التوتير - أنجزتها "كلية دبي للإدارة الحكومية" - إلى أن الجزائر تحتل ذيل الترتيب في قائمة الدول العربية المستخدمة للتويتر خلافا لدول عربية أخرى خاصة في المشرق العربي، حيث وصل عدد الجزائريين في التويتر حوالي 500 ألف عضو أي نصف مليون نهاية سنة2012، وفي الوقت الذي تصنع فيه شخصيات عربية معروفة الحدث على التويتر وتغرد بأفكارها وأرائها على غرار الدكتور محمد العريفي داعية إسلامي والإعلامي أحمد الشقيري وفيصل القاسم والدكتور طارق الحبيب وغيرهم ممن صنعوا الاختلاف بتغريداتهم على التويتر، لا نجد آي مفكر أو سياسي أو إعلامي جزائري على التويتر ليفضلوا التغريد خارج السرب من خلال تشبثهم بالثقافة الورقية .
فالبرغم من مرور أكثر من 6 سنوات على إطلاق شبكة التواصل الاجتماعي التويتر إلا أن كثيرا من الجزائريين لا يعرفونه جيدا وليست لديهم حسابات في التويتر مقارنة بالفايسبوك وحتى الذين يملكون حسابا فأغلبهم لا يعرفون كيفية استخدامه، وفي هذا الشأن يقول فريد، أستاذ جامعي "أنا أفضل استخدام الفايسبوك على التويتر لأنه سهل وفيه تطبيقات عدة ومتاح بالفرنسية وحتى العربية أما التويتر فلحد اليوم لا أعرف كيفية تشغيله" ونفس الشيء بالنسبة لسهام، طالبة جامعية والتي أكدت أنها تستخدم الفايسبوك أكثر من أي موقع أخر لأنه يربطها بالكثير من الأصدقاء وسهل الاستخدام مقارنة بالتويتر الذي قالت عنه بأنه صعب ولا يمكنها التأقلم مع مستخدميه لأنها تفضل الموقع أكثر مرونة وتستهويها التعليقات الساخرة للفايسبوكيين وغيرها من الفيديوهات والصور المضحكة.
هذا فيما يفضل القلة من الجزائريين استخدام التويتر على الفايسبوك خاصة أن هذا الأخير أصبح ملاذا للمنحرفين والذين ينشئون حسابات وهمية وبأسماء مستعارة للسخرية من الآخرين أو لنشر صور وفيديوهات مسيئة، وفي هذا الشأن يقول رشيد صحفي جزائري بأنه يفضل التويتر كموقع للتواصل الاجتماعي أين لا يوجد مكان للسخافات والتفاهات التي تنشر على الفايسبوك، ويضيف "وجدت في التويتر مكانا للحوار الراقي والحضاري وتبادل الأفكار مع أهم الشخصيات المعروفة في العالم العربي وفي العالم الغربي من مثقفين وإعلاميين وغيرهم" وأضاف محدثنا أن مشكلة الجزائريين تكمن في الاستخدام السيئ للتكنولوجيا وهو ماحصل مع الفايسبوك الذي أصبح موقعا شعبويا وغير محترم أحيانا.
وفي سياق متصل يقول أحمد، مهندس يشتغل بمقهى انترنيت بالعاصمة بأنه يفضل موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" على الفايسبوك، وهذا لعدة اعتبارات وأهمها قيمة المعلومات التي يقدمها أبرز الشخصيات في العالم ككل من خلال تغريداتهم على التويتر ومساهماتهم القيمة، والتي تنتشر بسرعة مقارنة بالفايسبوك، وأضاف محدثنا على أن ثقافة وتكوين مستخدمي التويتر العالية ونوعية الحوارات والنقاشات لا يمكن أن نجدها في موقع آخر.
.
خبير المعلوماتية يونس قرار "الجزائريون يفضلون الفايسبوك على التويتر"
وفي الموضوع يرى الخبير في المعلوماتية والمتخصص في وسائل الإعلام الجديدة والانترنت يونس قرار في حديثه للشروق بأن أغلبية الجزائريين يستخدمون الفايسبوك أكثر من التويتر وهذا لأنهم وجدوا فيه ضالتهم خاصة أن الشبكات الاجتماعية تنتشر من شخص لآخر عن طريق المشاركة وعدد المشتركين الكبير الذي يتيح التواصل مع أكبر عدد ممكن من الناس وهو الذي يحققه الفايسبوك مقارنة بالتويتر، فالأول يضم أكثر من 3ملايين شخص أما الثاني فيضم 500 شخص فقط، وعدد الكلمات محدد بـ140 كلمة فقط.
وأضاف يونس قرار بأن التطبيقات المتاحة في الفايسبوك من فيديو وصور وغيرها من الدردشة الفورية هي التي تستهوي الجزائريين أكثر خاصة الشباب منهم الباحثين عن التسلية، فأغلبيتهم - يقول محدثنا - يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي كوسيلة للتواصل، والقلة القليلة منهم من يستخدمها كوسيلة لنشر الأفكار والدفاع عن المواقف .
.
"السياسيون الجزائريون يملكون ثقافة ورقية وهو ما يجعلهم يغردون خارج السرب"
ونوَه الخبير في المعلوماتية يونس قرار بالاستعمالات السيئة التي يتيحها الفايسبوك من نشر صور فاضحة والإساءة للآخرين، فيما يتميز التويتر بكونه موقع تواصل مفيدا يتيح للمثقفين نشر المقالات وتبادل الآراء، ليؤكد محدثنا بأن انتشار التويتر في الجزائر مرهون بالشخصيات المعروفة والتي من شأنها أن تنشر ثقافة التويتر وسط الجزائريين، وأضاف يونس قرار بأن المثقفين الجزائريين وخاصة السياسيين لديهم تربية ورقية أكثر وهو ما جعلهم لا يتعودون على الانترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي. حيث نجد رئيس حزب جزائري يفضل عقد تجمع في قاعة مغلقة أين يحضر فيها قلة من الناس لكنه لا يستخدم الوسائل التكنولوجية والمواقع الالكترونية والتي من شأنها أن تجلب له الملايين من المتتبعين والمؤيدين في ثوان وهو ما يتيحه التويتر وحتى الفايسبوك.
وأضاف محدثنا أن العديد من السياسيين الجزائريين يخافون من الانتقاد ووجهات النظر المختلفة التي تتيحها مواقع التواصل الاجتماعي وهو ما يجعلهم يكتفون بوسائل الاتصال التقليدية من تجمعات وندوات والتي عادة ما يكون الحضور فيها من المؤيدين.
وأكد يونس قرار على أن التويتر هو موقع نخبوي لا يستعمله إلا المثقفون من خلال نشر مقالاتهم وتعليقاتهم على الأحداث، وأشار إلى أن انتشار التويتر في الجزائر مرهون باستخدام الشخصيات المعروفة له، قائلا: "لو فتح عمار غول مثلا موقعا على التويتر فسيكون قدوة لشخصيات أخرى فشخص مثله لديه أكثر من 80 ألف متابعة على الفايسبوك بإمكانه أن ينشر ثقافة التويتر لدى السياسيين"
.
علماء الاجتماع" السياسيون والمفكرون الجزائريون يخافون التواصل الالكتروني"
يرى أستاذ علم الاجتماع رضا بن عاشور بأن ظاهرة عزوف الجزائريين وعدم استخدامهم للتويتر مرتبطة بالنمط الاجتماعي الذي يعيش فيه الفرد الجزائري وخاصة الشباب الذين يفضلون كل ما هو سريع ومثير، ويضيف محدثنا أن الشباب يفضلون نمطا معينا من التواصل كالدردشة الفورية واستخدام الهويات المستعارة للانطلاق بحرية في العالم الافتراضي، وهو ما وجده الجزائريون في الفايسبوك الذي يتيح التواصل مع أكبر قدر ممكن من الناس. وفي رده على سؤال الشروق حول سبب عدم تواجد السياسيين والمفكرين الجزائريين في التويتر يقول الأستاذ بن عاشور بأن الخوف من التواصل الالكتروني ومن القرصنة وضعف الحماية في الجرائم الالكترونية يجعل الشخصيات المعروفة تخاف من استخدام هذه المواقع مخافة القرصنة وغيرها من المشاكل التي تنجم عن وسائل التواصل الالكترونية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق