الأربعاء، 6 مارس 2013

المحقق ..مجلة أسبوعية رائدة


صحيفة أسبوعية رائدة
بقلم: بشير خلف
صحيفة أسبوعية جزائرية، منذ صدور عددها الأول كانت متميّزة عن مثيلاتها، واسمها يدلّ على خطها الافتتاحي الذي ما حادت عنه حتّى آخر عدد لها 160 في الأسبوع الثالث من هذا الشهر أفريل 2009 .
عندما دقّ رئيس تحريرها الصحفي القدير هابت حنّاشي ناقوس الخطر منذ أشهُرٍ، واستشفّ أن الصحيفة قد تتوقف بسبب قطْع الإشهار عنها، ولمّا استمرّ هذا القطْع، وانفضّ البعض من الكُتّاب الذين دأبوا على الكتابة فيها من خلال أبواب قارّة عُرفوا بها لدى القْرّاء لشحّ المقابل المالي، بالرغم من وفاء البعض الآخر إلى آخر عددٍ..اتّضح لدى القرّاء الأوفياء مصير هذه الصحيفة المتميّزة التي بتوقفها خسرت الساحة الإعلامية الجزائرية فضاء إعلاميّا متميّزا.
وتوقف الصحيفة الذي أعلنه مديرها هابت حنّاشي لأسبابٍ ماليةٍ لم يكن مفاجئا لقرّائها..إن اختفاء هذه الصحيفة الأسبوعية خسارة كبرى، وهي آخر صحيفة تتوقف بعد العديد من الصحف اليومية، والأسبوعية منذ بداية التعدّدية الإعلامية في الجزائر، وقد اختلفت الأسباب التي كانت تدفع إلى توقّف الصحف عن الصدور كلٌّ بمنظارها كيف يرى هذا التوقّف، منها ما يرجع إلى العجز عن تسديد ما عليها من نفقات، ومنها التي صدرت أحكامٌ قضائية، وقرارات بتوقيف سحْبها لمدّة معيّنة، لتعجز عن إيجاد مصادر لتموينها…
وكانت أسبوعية " المحقق " متميّزة جدّا بتحقيقاتها، وهوامش حريّة الرأي التي منحتها للعديد من الأقلام المعروفة في الساحة الإعلامية الوطنية فبل أن تنهكها الضائقة المالية لمنْع الإشهار في الجزائر عن الأسبوعيات، والمجلاّت المتخصّصة.
    ما يتأسف له المرْء أن الصحافة المسيئة تطرد الصحافة الجادّة، إذ الساحة الإعلامية في بلادنا هذه الأيام تعددت فيها الصحافة الصفراء التي تفوح منها النتانة وقلّة الذوق والحسّ الجمالي والفنّي الراقييْن، وانعدام التكوين المعرفي والثقافي للقارئ ..أسبوعيات دأبت على نشْر الفضائح والمسّ بالأخلاق والذوق العام إنْ في المضمون، إنْ في الصور المدغدغة للمراهقين والمراهقات، والحقيقة أنها وصمة عار على جبين مهنة الصحافة في بلادنا..أسبوعيات مثل هذه تجد لها المكانة والترويج، والتشجيع، والصحف الجادّة الرفيعة المستوى تُخنق وتُترك تموت ببطءٍ إلى أن تُغيّب عن الساحة نهائيا.
     إذا كانت أسبوعية " المحقق" الجادة توقفت، في وقت راحت فيه الأسبوعيات " الخامجة" التي لا يتعدّى مضمونها " تحت السرّة" تتزاحم على واجهات الأكشاك، والأرصفة..المحقق التي تميّزت بتعدّد ألوانها على امتداد اتجاهات، وميولات كتّابها وصحافييها، وجدت نفسها في حالة اختناق لأسباب مادية كما أسلفنا، فالمال الذي ينعش صحافة الإثارة، وأسبوعيات دغدغة عواطف المراهقين، وإثارة مكامن الشهوة تقضي وبالضربة القاضية..هذا المال هو الذي قضى ويقضي على صحافة الانفتاح، والاختلاف، والتعددية المنبرية.
     هابت حناشي ورفاقه الذين واكبوا معه مسيرة " المحقق" بالتأكيد أنهم سيعودون بمبادرة إبداعية إعلامية جديدة، فمنْ يتمتع بحيوية رجل مهني مثل حنّاشي لا نحسبُ أن تُوقفه أزمة كهذه، وهو الذي عرك الصحافة المكتوبة، وتمرّس على أبجدياتها.
        الواجهة الإعلامية الجزائرية بحاجة ماسّة إلى التجديد بمبادرات حديثة جادة، على الأقل توازن ما بالساحة حاليا من صخبٍ وانحرافٍ بالهبوط بالمستوى الذي تغلب عليه الإثارة، بالقذف، والتشهير، والتهويل للأحداث، وبالمسّ حتى بشرف الناس.
كلمة شكر نقدمها للصحفي القدير هابت حنّاشي على ما أضافه بأسبوعيته للإعلام الجزائري، ونحن متأكدون بما أنه ابن الإعلام، سيفاجئ الساحة الإعلامية بالجديد، وليس ذلك ببعيد. 
أ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الغزو الفكري وهْمٌ أم حقيقة كتب: بشير خلف       حينما أصدر المفكر الإسلامي، المصري، والمؤلف، والمحقق، وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأ...