الجمعة، 1 مارس 2013

المساجــد والثقافة وصناعة القارئ


 المساجــد والثقافة وصناعة القارئ 

  الدكتور أمين الزاوي:

ثم ماذا لو أننا وسعنا مثلا من جبهة الكتاب لتمتد وتصل إلى فضاءات هامة وكثيرة ظلت إلى حد الساعة مهمشة، مبعدة أو غير مفكر فيها بالشكل المطلوب، وأعني بذلك المساجد ودور العبادات.

               (حاورت ألف عالم فغلبتهم وحاورني جاهل فغلبني)

ثم ماذا لو أننا؟؟؟؟
         تخيلوا معي لو أن كل مؤمن متعلم يدخل على الأقل ثلاث مرات إلى المسجد، فيجد خزانة كتب مرتبة متنوعة يشرف عليها قيمون اختصاصيون في علم المكتبات وسوسيولوجيا القراءة والقارئ.
        تخيلوا معي كيف ستكون، ساعتها، هذه البلاد من حيث الكتاب والثقافة والحوار الحضاري العالم العارف الذي يقطع الطريق أمام كل أشكال الجهل والفتانين والمخربين والسابحين في الماء العكر: ماء السياسة والثقافة والدروشة.
ثم ماذا لو أننا فتحنا مكتبات عمومية جادة ونظيفة في كل مساجد الجمهورية.. أقصد مكتبات احترافية عامرة ومعززة بأرصدة غنية ومتجددة في العلوم والآداب والدين والفلسفة والفنون والتراث.

في الجزائر أزيد من مائة ألف مسجد، تبارك الله..
       تخيلوا معي لو أن العشر فقط من عدد هذه المساجد تحتوي خزانات مليئة بكتب في الحكمة والشعر وعلم الفلك والرواية والفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس والدراسات اللغوية والتراثيات والفقه والقانون، لخرج الكتاب ومثله الكاتب ولخرج الناشر أيضا من حالات اليأس الثقافي والاقتصادي والمعنوي أيضا ولقلت الشكوى وتهاوت حيطان البكاء وتغير خطاب القائلين بأزمة غياب القارئ والمقروئية ولتغير السلوك الفردي والجماعي، ولتغيرت الجزائر الثقافية والحضارية كثيرا كثيرا… ولتغير سلوك الإنسان الجزائري رأسا على عقب.

     إدخال الكتاب والكاتب إلى المسجد لا يعني مطلقا المراهنة على الحرية، حرية الكتابة والتخييل والرأي، بل العكس من ذلك هو إعادة المسجد إلى حقيقته الرمزية والتاريخية والحضارية التي ظل عليها منذ أن أنشئ أول مسجد في الإسلام، وهو أنه فضاء لعبادة الله وللتحصيل العلمي الجاد بعيدا عن التخريف والتحجر.

          ألم تكن المساجد طوال التاريخ الإسلامي هي حاضنة المكتبات الكبرى والخزانات العامرة التي خرجت آلاف العلماء والأدباء والفقهاء والمؤرخين، وهي التي أوصلت لنا ولغيرنا من الأمم في الشرق والغرب العلوم بكل أصنافها إبداعا ونقلا؟.

إدخال الكتاب الإبداعي الجاد والفلسفي والنقدي إلى جانب الكتاب الديني المؤسس إلى بيوت الله هو تحرير للمسجد الذي هو فضاء الجميع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  لن تكون أية لغة "صعبة" بعد الآن بفضل هذا الاختراع الياباني الذكي كتب: بشير خلف        يُعدّ التحدث بلغة أجنبية مهارة مطلوبة ...